للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لم يَحْصُلِ العَضُّ بها، وكانت البَداءةُ بجَذْبِ يَدِه أوْلَى. ويَنْبَغِى أنَّه متى أمْكَنَه جَذْبُ يَدِه، فَعَدَلَ إلى لَكْمِ فَكِّه، فأتْلَفَ سِنًّا، ضَمِنَه، لإِمْكانِ التَّخَلُّصِ بما هو أوْلَى منه.

فصل: ومَن اطَّلعَ في بيتِ إنسانٍ مِن ثَقْبٍ، أو شَقِّ بابٍ، أو نحوِه، فَرَمَاه صاحبُ البيتِ (٤٤) بحَصاةٍ، أو طَعَنَه بعُودٍ، فَقَلَعَ عَيْنَه، لم يَضْمَنْها. وبه قال الشَّافِعِىُّ. وقال أبو حنيفةَ: يَضْمَنُها؛ لأنَّه لو دخَلَ منزلَه، ونظرَ فيه، أو نالَ من امْرأتِه ما دُونَ الفَرْجِ، لم يَجُزْ قَلْعُ عَيْنِه، فَمُجَرَّدُ النَّظَرِ أوْلَى. ولَنا، ما رَوَى أبو هُرَيْرةَ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "لَوْ أَنَّ امْرَأً اطَّلَعَ عَلَيْكَ بِغَيْرِ إِذْنٍ، فَحَذَفْتَه بِحَصَاةٍ، فَفَقَأْتَ عَيْنَه، لَمْ يَكُنْ عَلَيْكَ جُنَاحٌ". وعن سهلِ بنِ سعدٍ، أنَّ رجلًا اطَّلَعَ في جُحْرٍ من بابِ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، ورسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يحُكُّ رَأْسَه بِمِدْرَى (٤٥) في يدِه، فقال رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم-: "لَوْ عَلِمْتُ أنَّكَ تَنْظُرُنِى، لَطمَسْتُ (٤٦)، أو لَطَعَنْتُ بها في عَيْنِكَ". مُتَّفَقٌ عليهما (٤٧). ويُفارِقُ ما قاسُوا عليه؛ لأنَّ مَن دَخَلَ المنزلَ يُعْلَم به، فيُسْتَتَرُ منه، بخلافِ النَّاظِرِ من ثَقْبٍ، فإنَّه يرَى من غيرِ عِلْمٍ به، ثم الخبرُ أوْلَى من القياسِ. وظاهرُ كلامِ أحمدَ، أنَّه لا يُعْتَبَرُ في هذا


(٤٤) في الأصل، ب: "الدار".
(٤٥) المدرى: عود يُدْخَلُ في الرأس ليضم بعض الشعر إلى بعض.
(٤٦) في ب، م: "لطمت". ولم نجد الكلمة في مصادر التخريج.
(٤٧) الأول، أخرجه البخاري، في: باب من أخذ حقه أو اقتص دون السلطان، وباب من اطلع في بيت قوم ففقأوا عينه. . ., من كتاب الديات. صحيح البخاري ٩/ ٨، ٩، ١٣. ومسلم، في: باب تحريم النظر في بيت غيره، من كتاب الآداب. صحيح مسلم ٣/ ١٦٩٩.
كما أخرجه النسائي، في: باب من اقتص وأخذ حقه دون السلطان، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ٥٥. والإِمام أحمد، في: المسند ٢/ ٢٤٣.
والثانى، أخرجه البخاري، في: باب الامتشاط، من كتاب اللباس، وفى: باب الاستئذان من أجل البصر، من كتاب الاستئذان. صحيح البخاري ٧/ ٢١١، ٨/ ٦٦. ومسلم، في: باب تحريم النظر في بيت غيره، من كتاب الآداب. صحيح مسلم ٣/ ١٦٩٨.
كما أخرجه الترمذي، في: باب من اطلع في دار قوم بغير إذنهم، من أبواب الاستئذان. عارضة الأحوذى ١٠/ ١٧٨. والنسائي، في: باب ذكر حديث عمرو بن حزم في العقول، من كتاب القسامة. المجتبى ٨/ ٥٤، ٥٥. والدارمى، في: باب من اطلع في دار قوم بغير إذنهم، من كتاب الديات. سنن الدارمي ٢/ ١٩٧، ١٩٨. والإِمام أحمد، في: المسند ٥/ ٣٣٠، ٣٣٤، ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>