للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جِزْيَةٌ. وقَوْلُ الخِرَقِيِّ: "وكان لِمُسْلِمٍ" يَعْنِى أنَّ الزكاةَ لا تَجِبُ على صَاحِبِ الأرْضِ إذا لم يَكُنْ مُسْلِمًا، وليس عليه في أَرْضِه سِوَى الخَراجِ. قال أحمدُ، رَحِمَهُ اللَّه: ليس في أرْضِ أهْلِ الذِّمَّةِ صَدَقَةٌ، إنَّما قال اللهُ تعالى: {صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} (٦). فأىُّ طُهْرةٍ لِلْمُشْرِكِينَ! وقَوْلُهم: إن سَبَبَيْهِمَا يَتَنافَيَانِ. غيرُ صَحِيحٍ؛ فإنَّ الخَرَاجَ أُجْرَةُ الأرْضِ، والعُشْرُ زكاةُ الزَّرْعِ، ولا يَتَنَافَيَانِ، كما لو اسْتَأْجَرَ أَرْضًا فزَرَعَها، ولو كان الخَرَاجُ عُقُوبَةً لَما وَجَبَ على مُسْلِمٍ، كالجِزْيَةِ.

فصل: فإنْ كان في غَلَّةِ الأرْضِ ما لا عُشْرَ فيه، كالثِّمَارِ التى لا زكاةَ فيها، والخَضْرَاوَاتِ، وفيها زَرْعٌ فيه الزكاةُ، جُعِلَ ما لا زكاةَ فيه في مُقَابَلَةِ الخَراجِ، وَزُكِّىَ ما فيه الزكاةُ، إذا كان ما لا زَكَاةَ فيه وَافِيًا بالخَرَاجِ. وإن لم يَكُنْ لها غَلَّةٌ (٧) إلَّا ما تَجِبُ فيه الزكاةُ، أُدِّىَ الخَرَاجُ من غَلَّتِها، وَزُكِّىَ ما بَقِىَ. وهذا قولُ عمرَ ابن عبدِ العزيزِ (٨). رَوَى أبو عُبَيْدٍ (٩)، عن إبراهيمَ بن أبي عَبْلَةَ، قال: كَتَبَ عمرُ ابنُ عبدِ العزِيزِ إلى عبدِ اللهِ بنِ أبي عَوْفٍ عَامِلِه على فِلَسْطِينَ، في مَن كانتْ في يَدهِ أرْضٌ بجِزْيَتِها (١٠) من المُسْلِمِينَ، أن يَقْبِضَ منها جِزْيَتَها، ثم يَأْخُذَ منها زَكَاةَ ما بَقِىَ بعد الجِزْيَةِ. قال ابْنُ أبي عَبْلَةَ: أنا ابْتُلِيتُ بذلك، ومِنِّى [أُخِذ. وذلك] (١١) لأنَّ الخَرَاجَ من مُؤْنَةِ الأَرْضِ، فيُمْنَعُ وُجُوبُ الزكَاةِ في قَدْرِهِ، كما قال أحمدُ: مَن اسْتَدَانَ ما انْفَقَ على زَرْعِه، واسْتَدَانَ ما أنْفَقَ على أهْلِه، يَحْتَسِبُ (١٢) ما أنْفَقَ على


(٦) سورة التوبة ١٠٣.
(٧) في أ، ب، م: "عليه" تحريف.
(٨) بعد هذا في ا، م زيادة: "إذا كان ما لا زكاة فيه وافيا بخراج، وإن لم يكن لهما غلة إلا ما تجب فيه الزكاة أدى الخراج من غلتها". وهو تكرار لما سبق.
(٩) في الأموال ٨٨.
(١٠) في النسخ: "يحرثها". والمثبت في الأموال، وفيه ما يعضده في صفحة ٨٩.
(١١) في أ، ب، م: "أخذوا ذلك". والمثبت في: الأصل، والأموال.
(١٢) في أ، م: "احتسب".

<<  <  ج: ص:  >  >>