للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيه دَنَاءَةً، فكُرِه، كالحِجَامةِ، فأمَّا الإِجَارَةُ في الجُمْلةِ، فجائِزَةٌ؛ لأنَّ الحاجةَ داعِيَةٌ إليها، فلا تَنْدَفِعُ بدون إباحَةِ الإِجَارةِ، فوَجَبَ إبَاحَتُها، كالحِجَامةِ.

فصل: ولا يجوزُ للرَّجُلِ إجَارَةُ دَارِه لمن يَتَّخِذُها كَنِيسةً، أو بِيعَةً، أو يَتَّخِذُها لِبَيْعِ الخَمْرِ، أو القِمَارِ. وبه قال الجماعةُ. وقال أبو حنيفةَ: إن كان بَيْتُكَ في السَّوَادِ، فلا بَأْسَ أن تُؤجِرَه لذلك. وخَالَفَه صاحِباهُ، واخْتَلَفَ أصْحابُه في تَأْوِيلِ قوْلِه. ولَنا، أنَّه فِعْلٌ مُحَرَّمٌ، فلم تَجُزِ الإِجَارَةُ عليه، كإجَارةِ عَبْدِه لِلْفُجُورِ. ولو اكْتَرَى ذِمِّىٌّ من مُسلِمٍ دارَه، فأرَادَ بَيْعَ الخَمْرِ فيها، فلِصَاحِبِ الدارِ مَنعُه. وبذلك قال الثَّوْرِىُّ. وقال أصْحابُ الرَّأى: إن كان بَيْتُه (٤١) في السَّوَادِ والجَبَلِ، فله أن يَفْعَلَ ما شاءَ. ولَنا، أنَّه فِعْلٌ مُحَرَّمٌ، جازَ المَنْعُ منه في المِصْرِ، فجازَ في السَّوَادِ، كقَتْلِ النَّفْسِ المُحَرَّمةِ.

فصل: القسم الثالث، ما يَحْرُمُ بَيْعُه، إلَّا الحُرَّ والوَقْفَ وأُمَّ الوَلَدِ والمُدَبَّرَ، فإنَّه يجوزُ إجَارَتُها، وإن حَرُمَ بَيْعُها، وما عدا ذلك فلا تجوزُ إجَارَتُه، سواءٌ كان ممَّا (٤٢) لا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه، كالعَبْدِ الآبِقِ، والجَمَلِ النّادِّ، والبَهِيمةِ الشّارِدَةِ، والمَغْصُوبِ من غيرِ غاصِبِه (٤٣) ممَّن لا يَقْدِرُ على انْتِزَاعِه منه، فإنه لا تجوزُ إجَارَتُه؛ لأنَّه لا يمكنِ تَسْلِيمُ المَعْقُودِ عليه. وإن كان ممَّا تُجْهَلُ صِفَتُه، فإنَّه لا تجوزُ إجَارَتُه، في ظاهِرِ المَذْهَبِ. أو كان ممَّن لا نَفْعَ فيه، كسِبَاعِ البَهائِمِ، أو الطَّيْرِ التي لا تَصْلُحُ للاصْطِيادِ. ولا تجوزُ إجارَةُ الكَلْبِ، ولا الخِنْزِيرِ، بحالٍ. ويَتَخَرَّجُ جوازُ إجَارَةِ الكَلْبِ الذي يُبَاحُ اقْتِنَاؤُه؛ لأنَّ فيه نَفعًا مُباحًا تجوزُ إعارتُه (٤٤)، فجازَتْ إجَارَتُه (٤٥)


(٤١) في الأصل: "بيتك".
(٤٢) في ب، م: "ممن".
(٤٣) في ب، م زيادة: "أو".
(٤٤) في م: "له إجارته".
(٤٥) في م زيادة: "له".

<<  <  ج: ص:  >  >>