للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالإِرْسالِ والإِعْتاقِ، كما لو أَرْسَلَ البعيرَ والبقرَةَ. ويَحْتَمِلُ أَنْ يزولَ المِلْكُ؛ لأنَّ الأصْلَ الإِباحَةُ، فالإِرْسالُ يرُدُّه إلى أصْلِه، ويفارقُ بَهِيمةَ الأنْعام من وَجْهَيْن؛ أحدُهما، أَنَّ الأَصْلَ ههُنا الإِباحَةُ، وبَهِيمَةُ الأَنْعامِ بخِلافِه. الثانى، أَنَّ الإِرْسالَ ههُنا يُفِيدُ، وهو رَدُّ الصَّيْدِ إلى الْخَلاصِ من إِمْسَاكِ (٢١) الآدَمِيِّين وحَبْسِهم، ولهذا رُوِىَ عن أبى الدَّرْدَاءِ، أَنَّه اشْتَرَى عُصْفورًا من صَبِىٍّ فأَرْسَلَه. ويجبُ إرْسالُ الصَّيْدِ على المُحْرِمِ إذا أَحْرَمَ، أو دَخَلَ الحَرَمَ وهو فى يَدِه، بخلافِ بَهِيمَةِ الأنعامِ، فإنَّ إرْسالَه تَضْيِيعٌ له، وربَّما هلَكَ إذا لم يكُنْ له مَن يَقُومُ به.

١٧١٦ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ كَانَ فِى سَفِينَةٍ، فَوَثَبَتْ سَمَكَةٌ، فسَقَطَت فِى حِجْرِهِ، فَهِىَ لَهُ دُونَ صَاحِبِ السَّفِينَةِ)

وذلك لأنَّ السَّمَكَةَ من الصَّيْدِ المُباحِ، يُمْلَكُ بالسَّبْقِ إليه، وهذه حَصَلَتْ فى يَدِ الذى هى فى حِجْرِه، وحِجْرُه له، ويَدُه عليه، دونَ صاحِبِ السَّفِينَةِ، ألَا تَرَى أنَّهما لو تَنازَعا كِيسًا فى حِجْرِه، كان أحَقَّ به من صاحِبِ السفينَةِ، كذا ههُنا. ومَفْهومُ كلامِ الْخِرَقِىِّ أَنَّ السمكَةَ إذا وَقَعَت فى السَّفَيِنَةِ، فهى لصاحِبِها. وذَكَرَه ابنُ أبى موسَى؛ لأنَّ السَّفِينةَ مِلْكُهُ، ويدُه عليها، فما حصلَ من المُباحِ فيها، كان أحقَّ به، كحِجْرِه.

فصل: فإنْ كانَت السَّمَكَةُ وثَبَتْ بسبَبِ فعلِ إنسانٍ لقَصْدِ الصَّيْدِ، كالصَّيَّادِ الذى يجْعَلُ فى السفينةِ [ضَوْءًا بالليلِ، ويدُقُّ بشىءٍ كالجَرَس ليَثِبَ السَّمَكُ فى السفينَةِ] (١)، فهذا للصائِدِ دون مَنْ وَقَعَ فى حِجْرِه؛ لأنَّ الصائِدَ أَثْبَتَها بذلك، فصارَ كمَنْ رَمَى طائرًا فأَلْقَاه فى دارِ قَوْمٍ. وإِنْ لم يقْصِدِ الصَّيْدَ بهذا، بل حصلَ اتِّفاقًا، كانت لمَن وقَعَتْ فى حِجْرِه.

١٧١٧ - مسألة؛ قال: (ولَا يُصَادُ السَّمَكُ بشَىْءٍ نَجِسٍ)

ومعنى ذلك أَنْ يُتْرَكَ فى الماءِ شىءٌ نَجِسٌ، كالعَذِرَةِ والْمَيتَةِ وشِبْهِهما (١)، ليأْكُلَه


(٢١) فى م: "أيدى".
(١) سقط من: ب. نقل نظر.
(١) فى م: "شبهها".

<<  <  ج: ص:  >  >>