للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وليس للسَّيِّدِ إكْراهُ أَمَتِه على التَّزْويج بمَعِيبٍ عَيْبًا يُرَدُّ به فى النِّكاحِ؛ لأنَّه يُؤثِّرُ (١٣) فى الاسْتِمْتاعِ، وذلك حَقٌّ لها، ولذلك مَلَكت الفَسْخَ بالجَبِّ والعُنَّةِ والامْتِناع من العبدِ دُونَ السَّيِّدِ. وفارَقَ بَيْعَها من مَعِيبٍ؛ لأنَّه لا يُرادُ للاسْتِمْتاعِ، ولهذا مَلَكَ شِراءَ الأَمَةِ المُحَرَّمةِ عليه (١٤)، ولم تَمْلِكِ الأَمَةُ الفَسْخَ لِعَيْبِه ولا عُنَّتِه ولا إيلائِه. وإن زَوَّجَها من مَعِيبٍ، فهل يَصِحُّ؟ على وَجْهَيْن، فإن قُلْنا: يَصِحُّ. فلها الفَسْخُ. وإن كانت صغيرةً، فهل له الفسخُ فى الحالِ، أو يَنْتَظِرُ بُلُوغَها؟ على وَجْهَيْن. ومذْهبُ الشافعىِّ هكذا فى هذا الفصلِ كلِّه.

١١٢٦ - مسألة؛ قال: (وَمَنْ زَوَّجَ عَبْدهُ وَهُوَ كَارِهٌ، لَمْ يَجُزْ، إلَّا أنْ يَكُونَ صَغِيرًا)

الكلام فى هذه المسألة فى فَصْلين:

أحدهما: أَنَّ السَّيِّدَ لا يَمْلِكُ إجْبارَ عبدِه البالغِ العاقلِ على النِّكاحِ. وبهذا قال الشافعىُّ، فى أحدِ قَوْلَيْه. وقال مالك، وأبو حنيفةَ: له ذلك، لقولِ اللَّه تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ} (١). ولأنَّه يَمْلِكُ رَقَبَتَه، فمَلَكَ إجْبارَه على النِّكاحِ كالأَمَةِ، ولأنَّه يَمْلِكُ إجارَتَه، فأشْبَهَ الأمَةَ. ولَنا، أنَّه مُكلَّفٌ يَمْلِكُ الطَّلاقَ، فلا يُجْبَرُ على النِّكاحِ كالحُرِّ، ولأنَّ النِّكاحَ خالِصُ حَقِّه، ونَفْعُه له، فَأَشْبَهَ الحُرَّ، والأمرُ بإنْكاحِه مُخْتَصٌّ بحالِ طَلَبِه، بدليلِ عَطْفِه على الأَيَامَى، وإنَّما يُزَوّجْنَ عند الطَّلَبِ، ومُقْتَضَى (٢) الأمْرِ الوُجوبُ، وإنَّما يجب تَزْوِيجُه عندَ طَلَبِه، وأمَّا الأمَةُ فإنَّه يَمْلِكُ منافِعَ بُضْعِها، والاستمتاعَ بها، بخلافِ العَبْدِ، ويفارقُ النِّكاحُ الإِجارةَ؛ لأنَّها


(١٣) فى أ: "مؤثر".
(١٤) سقط من: ب، م.
(١) سورة النور ٣٢.
(٢) فى الأصل: "فيقتضى".

<<  <  ج: ص:  >  >>