للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٣٠٣ - مسألة؛ قال: (فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ، طَلَّقَ الحَاكِمُ عَلَيْهِ)

وجملةُ الأمرِ أَنَّ المُولِىَ إذا امْتنَعَ مِن الفَيْئَةِ بعدَ التَّرَبُّصِ، أو امْتنَعَ المعذورُ من الفَيْئَةِ بلسانِه، أو امْتنَعَ من الوَطْءِ بعدَ زَوالِ عُذْرِه، أُمِرَ بالطَّلاقِ. فإِنْ طَلَّقَ (١)، وَقَعَ طلاقُه الَّذى أوقَعَه، واحدةً كانت أو أَكْثَرَ. وليس للحاكِمِ إجْبارُه على أكثرَ مِن طَلْقَةٍ؛ لِأنَّه يَحْصُلُ الوفاءُ بِحقِّها بها؛ فإنَّها (٢) تُفْضِى إلى البَيْنُونةِ، والتَّخَلُّصِ مِن ضَررِه. وإن امْتنَعَ من الطَّلاقِ، طَلَّقَ الحاكمُ عليه. وبهذا قال مالِكٌ. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، ليس للحاكم الطَّلاقُ عليه؛ لأنَّ ما خُيِّرَ الزَّوْجُ فيه بين أمرَيْنِ، لم يَقُمِ الحاكمُ مَقامَه فيه، كالاختيارِ لبعضِ الزَّوْجاتِ فى حقِّ مَنْ أَسْلَمَ وتَحْتَه أكثرُ مِن أربعِ نسوةٍ، أو أُخْتانِ. فعلى هذا يَحْبِسُه، ويُضَيِّقُ عليه، حتى يَفِىءَ، أو يُطَلِّقَ. وللشَّافِعِىِّ قَوْلانِ، كالرِّوايتَيْنِ. ولَنا، أَنَّ ما دخَلتْه النِّيابةُ، وتَعَيَّنَ مُسْتَحِقُّه، وامْتَنعَ مَنْ هو عليه، قامَ الحاكمُ مَقامَه فيه، كقَضاءِ الدَّيْنِ، وفارَقَ الاختيارَ، فإنَّه ما تَعَيَّنَ مُسْتحِقُّه. وهذا أصَحُّ فى المذهبِ. ليس للحاكمِ أن يأمُرَ بالطَّلاقِ ولا يُطَلِّقَ إلَّا أَنْ تَطْلُبَ المرأةُ ذلك؛ لِأنَّه حقٌّ لها. وإنَّما الحاكمُ يَسْتَوْفِى لها الحقَّ، فلا يكونُ إلَّا عندَ طَلَبِها.

فصل: والطَّلاقُ الواجبُ على المُولِى رَجْعِىٌّ، سواءٌ أوْقَعَه بنفسهِ، أو طَلَّقَ الحاكمُ عليه. وكذا قال الشَّافِعِىُّ. قال الأثْرَمُ: قلتُ لأبى عبدِ اللَّهِ فى المُولِى: فإنْ طَلَّقَها. قال: تكونُ واحِدَةً، وهو أحقُّ بها. وعن أحمدَ، روايةٌ أُخْرَى، أَنَّ فُرْقَةَ الحاكمِ تكونُ بائنًا. ذكر أبو بكر الرِّوايَتَيْنِ جميعًا. وقال القاضى: المنصوصُ عن أحمدَ، فى فُرقةِ الحاكمِ, أنَّها تكونُ بائنًا؛ فإنَّ فى رواية الأثْرَمِ: وقد سئل إذا طَلَّقَ عليه السلطانُ، أتكونُ واحدةً؟ فقال: إذا طَلَّقَ فهى واحدةٌ، وهو أحقٌّ بها، فأمَّا تَفْرِيقُ السلطانِ، فليس فيه رَجْعَةٌ. وقال أبو ثَوْرٍ: طلاقُ المُولِى بائِنٌ، سواءٌ طَلَّقَ هو، أو طَلَّقَ عليه الحاكمُ؛


(١) سقط من: م.
(٢) فى م: "فإنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>