للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه أَوْلَى، ولأنَّه واجِبٌ، فكان من رَأْس المالِ، كدَيْنِ الآدَمِىِّ. وإن كان تَطَوُّعًا، أُخِذَ الثُّلُثُ لا غيرُ، إذا لم يُجِزِ الوَرَثةُ، ويُحَجُّ به، علَى ما ذَكَرْنا فيما مَضَى.

فصل: وإذا أوْصَى بحَجٍّ واجِبٍ، أو غيرِه من الواجِبَاتِ، كقَضَاءِ دَيْنٍ، وزَكاةٍ، وإخْراجِ كَفّارَةٍ، لم يَخْلُ من أرْبَعةِ أحْوالٍ؛ أحدها، أن يوصِىَ بذلك من صُلْبِ مالِه، فهذا تَأْكِيدٌ لما وَجَبَ بالشَّرْعِ، ويُحَجُّ عنه من بَلَدِه، وإن لم يَفِ مالُه بذلك، أُخِذَ ماله كلُّه يُدْفَعُ في الواجِبِ، كما لو لم يُوصِ. الثاني، أن يُوصِىَ بأدَاءِ الواجِبِ مِن ثُلُثِ مالِه، فيَصِحُّ أيضًا، فإن لم تكُنْ له وَصِيّةٌ غيرَ هذه، لم تُفِدْ شيئا، ويُؤَدَّى من المالِ كلِّه، كما لو لم يُوصِ. وإن كان قد أوْصَى بِتَبَرُّعٍ لجِهَةٍ أخرى، قُدِّمَ الواجِبُ، وإن فَضَلَ من الثُّلُثِ شيءٌ فهو لِلتَّبَرُّعِ، وإن لم يَفْضُلْ شيءٌ سَقَطَتْ، وإن لم يَفِ الثُّلُثُ بالواجِبِ أُتِمَّ من رَأْسِ المالِ. هكذا ذَكَرَ القاضي. وقال أبو الخَطَّابِ: يُزَاحَمُ بالواجِبِ أصحابُ الوَصَايَا. فيَحْتَمِلُ أنَّه أرَادَ مثلَ ما ذَكَرَ القاضي، ويَحْتَمِلُ أنَّه أرادَ أنَّ الثُّلُثَ يُقْسَمُ بين الوَصَايَا كلِّها، الواجِبِ والتَّبَرُّع بالحِصَصِ، فما حَصَلَ لِلْواجِبِ أُتِمَّ من رَأْسِ المال، فيَدْخُلُه الدَّوْرُ، وتَعْمَلُ بالجَبْرِ، فتقولُ في رَجُلٍ أوْصَى بحَجَّةٍ واجِبَةٍ، كِفَايَتُها عَشرَةٌ من ثُلُثِه، وَوَصَّى بصَدَقَةِ تَطَوُّعٍ عَشرَةً، وماتَ فلم يَخْلُفْ إلَّا ثَلَاثِينَ، فاعْزِلْ تَتِمَّةَ الواجِبِ من المالِ، وهى شيءٌ مَجْهُولٌ، وخُذْ ثُلُثَ الباقِى عَشرَةً إلَّا ثُلُثَ شيءٍ، واقْسِمْه بين الوَصِيَّيْنِ، لكلِّ واحدٍ خَمْسةٌ إلَّا سُدُسَ شيءٍ، واضْممْ (٩) الشىءَ الذي عَزَلْتَه إلى ما حَصَلَ لِلْحَجَّةِ، فصارَ شَيْئًا وخَمْسةً إلَّا سُدُسَ شيءٍ، يَعْدِلُ عَشرَةً، وخُذْ من الشىءِ سُدُسَه، فاجْبُرْ به بعضَ الخَمْسةِ، يَبْقَى خَمْسَةُ أسْدَاسِ شيءٍ، يَعْدِلُ خُمْسَه، فالشىءُ إذًا سِتَّةٌ، ومتى أخَذْتَ سِتَّةً من ثَلَاثِينَ، بَقِيَ أرْبَعةٌ وعِشْرُونَ، ثُلُثُها ثَمانِيةٌ، لِصَاحِبِ الصَّدَقةِ نِصْفُها أرْبَعةٌ، ولِلْواجِبِ أرْبَعةٌ [إذا ضَمَمْتَ إليها] (١٠) السِّتّةَ، صارَ الجَمِيعُ عَشرَةً، فإن كان عليه أيضًا دَيْنٌ خَمْسَةٌ، عَزَلْتَ تَتِمَّةَ الحَجِّ شَيْئًا، وتَتِمّةَ الدَّيْنِ نِصْف شيءٍ، بَقِىَ ثُلُثُ المالِ عَشرَةٌ إلَّا نِصْفَ


(٩) سقطت الواو من: م.
(١٠) في م: "مع".

<<  <  ج: ص:  >  >>