فصل: وإذا شَرَطَ فى البَيْعِ رَهْنًا فَاسِدًا، كالمُحَرَّمِ، والمَجْهُولِ، والمَعْدُومِ، وما لا يَقْدِرُ على تَسْلِيمِه، أو غيرِ المُعَيَّنِ، أو شَرَطَ رَهْنَ المَبِيعِ على ثَمَنِه، ففى فَسَادِ البَيْعِ رِوَايَتَانِ، مَضَى تَوْجِيهُهُما فى الشُّرُوطِ الفَاسِدَةِ فى البَيْعِ. واخْتَارَ أبو الخَطَّابِ هاهُنا فَسَادَ البَيْعِ. وهو قولُ أبي حنيفةَ، وأحَدُ قَوْلَىِ الشَّافِعِيِّ، وقد مَضَى ذِكْرُ ذلك.
فصل: والشُّرُوطُ فى الرَّهْنِ تَنْقَسِمُ قِسْمَيْنِ؛ صَحِيحًا وفَاسِدًا، فالصَّحِيحُ مثلُ أن يَشْتَرِطَ كَوْنَه على يَدِ عَدْلٍ عَيَّنَهُ، أو عَدْلَيْنِ، أو أَكْثَرَ، أو أن يَبِيعَه العَدْلُ عندَ حُلُولِ الحَقِّ. ولا نَعْلَمُ فى صِحَّةِ هذا خِلَافًا، وإن شَرَطَ أن يَبِيعَه المُرْتَهِنُ، صَحَّ. وبه قال أبو حنيفةَ ومالِكٌ. وقال الشَّافِعِيُّ: لا يَصِحُّ؛ لأنَّه تَوكِيلٌ فيما يَتَنَافَى (١٩) فيه الغَرَضَانِ، فلم يَصِحَّ، كما لو وَكَّلَه فى بَيْعِه من نَفْسِه. وَوَجْهُ التَّنَافِى أن الرَّاهِنَ يُرِيدُ الصَّبْرَ على المَبِيعِ، والاحْتِيَاطَ فى تَوْفِيرِ الثَّمَنِ، والمُرْتَهِنَ يُرِيدُ تَعْجِيلَ الحَقِّ، وإنْجَازَ البَيْعِ. ولَنا، أنَّ ما جَازَ تَوْكِيلُ غيرِ المُرْتَهِنِ فيه، جَازَ تَوْكِيلُ المُرْتَهِنِ فيه، كبَيْعِ عَيْنٍ أُخْرَى، ولأنَّ مَن جَازَ أن يُشْتَرَطَ له الإِمْسَاكُ، جَازَ اشْتِرَاطُ البَيْعِ له، كالعَدْلِ، ولا يَضُرُّ اخْتِلَافُ الغَرَضَيْنِ، إذا كان غَرَضُ المُرْتَهِنِ مُسْتَحقًّا له، وهو اسْتِيفَاءُ الثَّمَنِ عندَ حُلُولِ الحَقِّ، وإنْجَازِ البَيْعِ؛ وعلى أنَّ الرَّاهِنَ إذا وَكَّلَهُ مع العِلْمِ بِغَرَضِه، فقد سَمَحَ له بذلك، والحَقُّ له، فلا يَمْنَعُ من السَّمَاحَةِ به، كما لو وَكَّلَ فَاسِقًا فى بَيْعِ مالِه وقَبْضِ ثَمَنِه. ولا نُسَلِّمُ أنَّه لا يجوزُ تَوْكِيلُه فى بَيْعِ شَىءٍ من نَفْسِه، وإن سَلَّمْنا، فلأنَّ الشَّخْصَ الواحِدَ يكونُ بَائِعًا مُشْتَرِيًا، ومُوجِبًا، قَابِلًا، وقَابِضًا من نَفْسِه لِنَفْسِه، بِخِلَافِ مَسْأَلَتِنَا.
فصل: وإذا رَهَنَهُ أمَةً، فشَرَطَ كَوْنَها عندَ امْرَأَةٍ، أو ذِى مَحْرَمٍ لها، أو كَوْنَها فى يَدِ المُرْتَهِنِ، أو أجْنَبِيٍّ على وَجْهٍ لا يُفْضِى إلى الخَلْوَةِ بها، مثل أن يكونَ لهما