للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: وإن اسْتطْلَقَ بَوْلُها مع ذلك، لَزِمَتْه دِيَةٌ مِنْ غيرِ زيادةٍ. وبهذا قال أبو حنيفةَ. وقال الشَّافعيُّ: تجبُ دِيَةٌ وحُكومةٌ؛ لأنَّه فَوَّتَ مَنْفَعَتَيْنِ، فلزمَه أرشُهما، كما لو فوَّتَ كلامَه وَذَوْقَه. ولَنا، أنَّه [إتْلافُ عُضوٍ واحدٍ] (٥)، فلم يفُتْ غيرُ مَنافعِه، فلم يَضْمَنْه بأكثرَ من دِيَةٍ واحدةٍ، كما لو قطَعَ لسانَه فذهبَ ذَوْقُه وكلامُه. وما قالَه لا يصِحُّ؛ لأنَّه لو أوْجبَ دِيَةَ المَنْفَعتَيْنِ، لأَوْجبَ دِيتَيْنِ؛ لأنَّ اسْتِطْلاقَ البَوْلِ مُوجِبٌ لِدِيَةٍ (٦)، والإِفْضاءُ عندَه مُوجِبٌ للدِّيةِ (٧) مُنْفرِدًا، ولم يقُلْ به، وإنَّما أوْجبَ الحُكومةَ، ولم يُوجَدْ مُقْتضِيها، فإنَّنا لا نَعْلَمُ أحدًا أوْجبَ في الإِفْضاءِ حُكومةً.

فصل: وإن انْدمَلَ الحاجِزُ، وانْسَدَّ، وزالَ الإِفْضاءُ، لم يجِبْ ثُلثُ الدِّيَةِ، ووجَبَتْ حُكومةٌ، لجَبْرِ ما حصَلَ من النَّقْص.

فصل: وإنْ أكْرَه امرأةً على الزِّنَى، فأفْضاها، لَزِمَه ثُلْثُ دِيَتِها، ومَهْرُ مِثْلِها؛ لأنَّه حصلَ بوَطْءٍ غيرِ مُسْتَحَقٍّ، ولا مَأْذونٍ فيه، فلَزِمَه ضَمانُ ما تَلِفَ (٨) به، كسائرِ الجنايات. وهل يَلْزَمُه أرْشُ البَكارةِ مع ذلك؟ [فيه رِوايتان؛ إحداهما، لا يَلْزَمه؛ لأنَّ أرشَ البَكارةِ] (٩) داخلٌ في مَهْرِ المِثْلِ، فإنَّ مهرَ البكْرِ أكثرُ من مَهْرِ الثَّيِّبِ، فالتَّفاوُتُ بينهما هو عِوَضُ أرْشِ البَكارةِ، فلم يَضْمَنْه مَرَّتَين، كما في حقِّ الزَّوجةِ. والثانية، يَضْمَنُه؛ لأنَّه مَحلٌّ أتْلَفَه بعُدْوانِه، فلَزِمَه أرْشُه، كما لو أتْلفَه بإصْبَعِه. فأمَّا المُطاوِعةُ على الزِّنَى، إذا كانَتْ كبيرةً ففتَقَها، فلا ضَمانَ عليه في فَتْقِها. وقال الشَّافعيُّ: يضْمَنُ؛ لأنَّ المأْذونَ فيه الوَطْءُ دُونَ الفَتْقِ، فأشْبَهَ ما لو قطَعَ يَدَها. ولَنا، أنَّه ضَرَرٌ حصلَ من فعلٍ مَأْذونٍ فيه، فلم يَضْمَنْه، كأرْشِ بَكارَتِها، ومَهْرِ مِثْلِها، وكما لو أذِنَتْ في قَطْعِ


(٥) في م: "أتلف عضوا واحدا".
(٦) في م: "الدية".
(٧) في ب: "الدية".
(٨) في الأصل، ب: "أتلف".
(٩) سقط من: ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>