للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال القاضى، وبعضُ أَصْحابِ الشَّافِعِىِّ: لا تَنْحَلُّ فى الباقِياتِ. ولَنا، أنَّها يَمِينٌ (٦١) واحِدَةٌ حَنِثَ فِيها، فسَقَطَ حُكْمُها، كما لو حَلَفَ على واحِدَةٍ، ولِأنَّ اليَمِينَ الواحِدَةَ إِذا حَنِثَ فِيها مَرَّةً، لم يُمْكِنِ الحِنْثُ فيها مَرَّةً أُخْرَى، فلم يَبْقَ مُمْتَنِعًا مِنْ وَطْءِ الباقِياتِ بِحُكْمِ اليَمِينِ، فلم يَبْقَ الإِيلاءُ كسائِرِ الأَيْمانِ التى حَنِثَ فيها، وفى هذه المَواضِعِ التى قُلْنَا بِكَوْنِه (٦٢) مُولِيًا مِنْهُنَّ كُلِّهنَّ إِذا طالَبْنَ كُلُّهُنَّ بالفَيْئَةِ، وُقِفَ لهنَّ كُلِّهِنَّ، وإِنْ طالَبْنَ فى أوْقاتٍ مُخْتَلِفَةٍ ففيه رِوايَتانِ؛ إحْداهما، يُوقَفُ لِلْجَمِيعِ وَقْتَ مُطالَبَةِ أُولاهُنَّ. قال القاضى: وهو ظاهِرُ كلامِ أحمدَ. والثَّانِيَةُ، يُوقَفُ لِكُلِّ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ عندَ مُطالَبَتِها. اخْتارَهُ أبو بكرٍ. وهو مذهبُ الشَّافِعِىِّ، فإذا وُقِفَ لِلْأُولَى (٦٣)، وُقِفَ لِلثَّانِيَةِ، فإِنْ طَلَّقَها، وقِفَ للثَّالِثَةِ، فإِنْ طَلَّقَها، وُقِفَ لِلرَّابعَةِ. وكذلك مَن مات مِنْهُنَّ، لم يَمْنَعْ مِنْ وَقْفِه لِلْأُخْرَى؛ لأنَّ يَمِينَه لم تَنْحَلَّ، وإيلاؤُه باقٍ؛ لِعَدَمِ حِنْثِه فيهنَّ. وإِنْ وَطِئَ إِحْداهُنَّ حِينَ وُقِفَ لها، أو قَبْلَه، انْحَلَّتْ يَمِينُه، وسَقَطَ حُكْمُ الإِيلاءِ فى الباقِياتِ، على ما قُلْناه. وعلى قَوْلِ القاضى، ومَنْ وَافَقَه: يُوقَفُ لِلباقِياتِ، كما لو طَلَّقَ التى وُقِفَ لها.

فصل: فإنْ قال: كُلَّما وَطِئْتُ واحِدَةً مِنْكُنَّ فضَرائِرُها طَوالِقُ. فإنْ قُلْنا: ليس هذا بإيلاءٍ. فلا كلام. وَإِنْ قُلْنا: هو إِيلاءٌ. فهو مُولٍ مِنْهُنَّ جَمِيعًا؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه وَطْءُ واحِدَةٍ مِنْهُنَّ إِلَّا بِطَلاقِ ضَرائِرِها، فيُوقَفُ لَهُنَّ، فإِنْ فاءَ إلى وَاحِدَةٍ، طَلَّقَ ضَرائِرَها، فإنْ كان الطَّلاقُ بائِنًا، انْحَلَّ الإِيلاءُ (٦٤)؛ لأنَّه لم يَبْقَ مَمْنُوعًا مِن وَطْئِها بحُكْمِ يَمِينِه. وإِنْ كانْ رَجْعِيًّا، فراجَعَهُنَّ، بَقِىَ حُكْمُ الإِيلاءِ فى حَقِّهِنَّ؛ لأَنَّه لا يُمْكِنُه وَطْءُ واحِدَةٍ


(٦١) فى الأصل: "يمينه".
(٦٢) فى الأصل: "يكون".
(٦٣) فى م زيادة: "وطلقها و".
(٦٤) فى ب زيادة: "فى حقهن".

<<  <  ج: ص:  >  >>