للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المُسْتَودَعُ فيها، أو فَرَّط فى حِفْظِها، فتَلِفَتْ، ضَمِنَها (٥)، بغير خِلَافٍ نعْلَمُه؛ لأنَّه مُتْلِفٌ لمالِ غيرِه، فضَمِنَه، كما لو أَتْلَفَه من غير اسْتِيداعٍ.

فصل: إذا شَرَطَ رَبُّ الوَدِيعةِ على المُسْتَودَعِ ضَمانَ الوَدِيعةِ، فقَبِلَه أو قال: أنا ضامِنٌ لها. لم يَضْمَنْ. قال أحمدُ فى المُودَعِ: إذا قال: أنا ضامِنٌ لها (٦). فسُرِقَتْ، فلا شىءَ عليه. وكذلك كلُّ ما أصْلُه الأمانةُ، كالمُضَاربَةِ، ومالِ الشَّركِةِ، والرَّهْنِ، والوَكَالةِ. وبهذا قال الثَّوْرِىُّ، والشَّافعىُّ، وإسحاقُ، وابنُ المُنْذِرِ؛ وذلك لأنَّه شَرْطُ ضمانِ ما لم يُوجَدْ سَبَبُ ضَمانِه، فلم يَلْزَمْه، كما لو شَرَطَ ضَمانَ مَا يَتْلَفُ فى يَدِ مالِكِه.

١٠٦٧ - مسألة؛ قال: (فَإنْ خلَطَها بِمَالِهِ، وَهِىَ لَا تَتَمَيَّزُ، أوْ لَمْ يَحْفَظْهَا كَمَا يَحْفَظُ مَالَهُ، أوْ أوْدَعَهَا غَيْرَهُ، فَهُوَ ضَامِنٌ)

فى هذه المسألةِ ثلاثُ مسائلَ؛ إحْداهنَّ، أَنَّ المُسْتَوْدَعَ إذا خَلَطَ الوَدِيعةَ بما لا (١) تتَمَيَّزْ منه من مالِه أو مالِ غيرِه، ضَمِنَها، سَواءٌ خَلَطَها بمِثْلِها، أو دُونَها، أو أجْودَ من جِنْسِها أو من (٢) غَيرِ جِنْسِها، مثل أن يَخْلِطَ دَرَاهِمَ بدَراهِمَ، أو دُهْنًا بدُهْنٍ، كالزَّيتِ بالزيتِ، أو السَّمْنِ، أو بغيرِه. وبهذا قال الشَّافِعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وقال ابنُ القاسمِ: إن خَلَطَ دَرَاهِمَ بدراهمَ على وَجْهِ الحِرْزِ، لم يَضْمَنْ. وحُكِىَ عن مالكٍ، لا يَضْمنُ إلَّا أَن يكونَ دُونَها؛ لأنَّه لا يُمْكِنُه رَدُّها إلَّا ناقِصةً. ولَنا، أنَّه خَلَطَها بمالِه خَلْطًا لا يَتَمَيَّزُ منه (٣)، فوَجَبَ أن يَضْمَنَها، كما لو خَلَطها بدونها، ولأنَّه إذا خَلَطَها بما لا يتَمَيَّزُ، فقد فَوَّتَ على نفسِه إمْكانَ رَدِّها، فلَزِمَه ضَمانُها، كما لو ألْقاها فى لُجّةِ بَحْرٍ.


(٥) فى م: "ضمن".
(٦) سقط من: الأصل، ب.
(١) فى أ، م: "لم".
(٢) سقط من: أ، م.
(٣) سقط من: الأصل، م.

<<  <  ج: ص:  >  >>