للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَسَمَ فداءَ أُسارَى بَدْرٍ بين الغانِمين (١). ولأنَّه مالٌ غنِمَهُ المسلمون، فأشْبَهَ الخيلَ والسِّلاحَ. فإنْ قيل: فالأسِيرُ (٢) لم يكُنْ للغانمين فيه حَقٌّ، فكيفَ تعلَّق حقُّهم ببَدَلِه؟ قُلْنا: إنَّما يفْعَلُ الإِمامُ في الاسْتِرْقاقِ ما يرَى فيه المصلحةَ؛ لأنَّه لم يَصِرْ مالًا، فإذا صارَ مالًا، تعلَّق حقُّ الغانمين به؛ لأنَّهم أسَرُوه وقَهَرُوه، وهذا لا يَمْتَنِعُ (٣)، ألا تَرَى أنَّ مَنْ عليه الدَّيْنُ، إذا قُتِلَ قتْلًا يوجِبُ القصاصَ، كان لورَثَتِه الخيارُ، فإذا اختارُوا الدِّيَةَ، تعَلَّقَ حقُّ الغُرَماءِ بها.

١٦٣٦ - مسألة؛ قال: (وَإنَّمَا يَكُونُ لَهُ اسْتِرْقَاقُهُمْ إذَا كَانُوا مِنْ أهْلِ الْكِتَابِ أوْ مَجُوسًا، وأمَّا مَا سِوَى هؤُلاءِ مِنَ الْعَدُوِّ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْ بَالِغِى رِجَالِهِمْ إلَّا الْإسْلَامُ أوِ السَّيْفُ أوِ الْفِدَاءُ)

قد ذكَرْنا فيما تقدَّمَ أنَّ غيرَ أهلِ الكتابِ لا يجوزُ استرقاقُ رجالِهم، في إحْدى الرّوايَتَيْن.

فصل: فأمَّا النِّساءُ والصِّبْيانُ، فيصيرُون رقيقًا بالسَّبْى. ومنَع أحمدُ مِن فِدَاءِ النِّساءِ بالمالِ؛ لأنَّ في بقائِهنَّ تَعْرِيضًا لهُنَّ للإسْلام، لبَقائِهنَّ عندَ المسلمين، وجَوَّزَ أنْ يُفادَى بِهِنَّ أُسارَى المسلمين؛ لأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- فادَى بالمرأةِ التي أخذَها من سَلَمة بن الأَكْوَع (١)، ولأنَّ في ذلك اسْتِنْقاذَ مُسْلِمٍ مُتَحَقَّقٍ إسْلامُه، فاحْتَمَلَ تَفْوِيتَ [غَرَضِه الإِسْلامَ] (٢) من أجْلِه. ولا يلْزَمُ من ذلك احْتمالُ فَواتِها، لتَحْصِيلِ المال. فأمَّا الصِّبْيانُ، فقال أحمد: لا يُفادَى بهم؛ وذلك لأنَّ الصَّبِىَّ يصيرُ مسلمًا بإسْلامِ سَابِيه، فلا يجوزُ رَدُّه إلى المشركين. وكذلك المرأةُ إذا أَسْلَمَت لم يَجُزْ رَدُّها إلى الكُفارِ بفِداءٍ (٣) ولا غيرِه؛ لقولِ


(١) انظر ما تقدم في فداء أسارى بدر، في صفحة ٤٦.
(٢) في م: "فالأسر".
(٣) في م: "يمنع".
(١) تقدم تخريجه، في صفحة ٤٨.
(٢) في م: "غرضيه بالإِسلام".
(٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>