للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَكُنْ وَاجِبًا. وقال: هذا قِياسُ المَذْهَبِ. واسْتَدَلَّ بشَيْئَيْنِ؛ أحَدُهما، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أمَرَ مَن لم يَأْكُلْ بِالصَّوْمِ، والنِّيَّةُ فى اللَّيْلِ شَرْطٌ فى الوَاجِبِ. والثانى، أنَّه لم يَأْمُرْ مَن أكَلَ بالقَضاءِ، ويَشْهَدُ لهذا ما رَوَى مُعَاوِيَةُ، قال: سمِعتُ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- يقولُ: "إنَّ هذَا يَوْمُ عَاشُورَاءَ، لَمْ يَكْتُبِ اللهُ عَلَيْكُمْ صِيَامَهُ، فَمَنْ شَاءَ فَلْيَصُم، وَمَنْ شَاءَ فَلْيُفْطِرْ" (١١). وهو حَدِيثٌ صَحِيحٌ. ورُوِىَ عن أحمدَ، أنَّه كان مَفْرُوضًا؛ لِمَا رَوَتْ عائشةُ، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صامَهُ وأمَرَ بِصِيامِه، فلما افْتُرِضَ رمضانُ كان هو الفَرِيضَةَ، وتَرَك عَاشُورَاءَ، فمن شاءَ صامَهُ ومَن شاءَ تَرَكَهُ (١٢). وهو حَدِيثٌ صَحِيحٌ. وحديثُ مُعاوِيَةَ مَحْمُولٌ على أنَّه أرادَ، ليس هو مَكْتُوبًا عليكم الآن. وأمَّا تَصْحِيحُه بِنِيَّةٍ من النَّهَارِ، وتَرْكُ الأمْرِ بِقَضائِه، فيَحْتَمِلُ أنْ نقولَ: مَن لم يُدْرِك اليومَ بِكَمالِه لم يَلْزَمْهُ قَضَاؤُه. كما قُلْنَا فى مَن أَسْلَمَ وبَلَغَ فى أثْنَاءِ يَوْمٍ من رمضانَ. على أنَّه قد رَوَى أبو دَاوُدَ (١٣)، أنَّ أسْلَمَ أتَتِ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، فقال: "صُمْتُمْ يَوْمَكُمْ هذَا؟ " قالوا: لا. قال: "فَأَتِمُّوا بَقِيَّةَ يَوْمِكُمْ، وَاقْضُوهُ".

فصل: فأمَّا يَوْمُ عَرَفَةَ: فهو اليَوْمُ التَّاسِعُ من ذِى الحِجَّةِ، سُمِّىَ بذلك، لأنَّ


(١١) أخرجه البخارى، فى: باب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصوم. صحيح البخارى ٣/ ٥٧. ومسلم، فى: باب صوم يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٧٩٥. والإمام مالك، فى: باب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. الموطأ ١/ ٢٩٩. والإمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٩٥.
(١٢) أخرجه البخارى، فى: باب وجوب صوم رمضان، وباب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصوم. وفى: باب أيام الجاهلية، من كتاب المناقب. وفى: باب سورة البقرة، من كتاب التفسير. صحيح البخارى ٣/ ٣١، ٥٧، ٥/ ٥١، ٦/ ٢٩. ومسلم، فى: باب صوم يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. صحيح مسلم ٢/ ٧٩٢، ٧٩٣. والترمذى.، فى: باب ما جاء فى الرخصة فى ترك صوم يوم عاشوراء، من أبواب الصوم. عارضة الأحوذى ٣/ ٢٨٥. والإمام مالك، فى: باب صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصيام. الموطأ ١/ ٢٩٩. والدارمى، فى: باب فى صيام يوم عاشوراء، من كتاب الصوم. سنن الدارمى ٢/ ٢٣. والإمام أحمد، فى: المسند ٦/ ٣٠، ٥٠، ١٦٢، ٢٤٤، ٢٤٨.
(١٣) فى: باب فى فضل صومه، من كتاب الصيام. سنن أبى داود ١/ ٥٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>