للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتكونَ أُجْرَتُها بيننا. وتكونُ الأُجْرَةُ كلها لِصَاحِبِ البَهِيمَةِ؛ لأنَّه مَالِكُ الأَصْلِ، وللآخَرِ أجْرُ مِثْلِه على صَاحِبِ البَهِيمَةِ؛ لأنَّه اسْتَوْفَى مَنَافِعَ مِلْكِه بِعَقْدٍ فاسدٍ (٣١)، هذا إذا أجَرَ الدَّابَّةَ (٣٢) بما عليها من الإِكافِ والجُوَالِقَاتِ في عَقْدٍ واحدٍ. فأمَّا لو أجَرَ كلُّ واحدٍ منهما (٣٣) مِلْكَه مُنْفَرِدًا، فلكلِّ واحدٍ منهما أجْرُ مِلْكِه. وهكذا لو قال رَجُلٌ لِصَاحِبِه: آجِرْ عَبْدِى، والأَجْرُ بيننا. كان الأَجْرُ لِصَاحِبِه، وللآخَرِ أجْرُ مِثْلِه. وكذلك في جَمِيعِ الأَعْيانِ.

فصل: فإن اشْتَركَ ثَلَاثةٌ؛ من أحَدِهِم دَابَّةٌ، ومن آخَرَ رَاوِيَةٌ، ومن آخَرَ (٣٤) العَمَلُ، على أن ما رَزَقَ اللهُ تعالى فهو بينهم، صَحَّ، في قِيَاسِ قولِ أحمد؛ فإنَّه (٣٥) نَصَّ في الدَّابّةِ يَدْفَعُها إلى آخَرَ يَعْمَلُ عليها، على أنَّ لهما الأُجْرَةَ على الصِّحَّةِ. وهذا مثلُه؛ لأنَّه دَفَعَ دَابَّتَهُ إلى آخَرَ يَعْمَلُ عليها، والرَّاوِيَةُ عَيْنٌ تُنَمَّى بالعَمَلِ عليها، فهى كالبَهِيمَةِ، فعلى هذا يكونُ ما رَزَقَ اللهُ بينهم على ما اتَّفَقُوا عليه. وهذا قولُ الشَّافِعِىَّ؛ لأنَّهما وَكَّلَا (٣٦) العامِلَ في كَسْبٍ مُبَاحٍ بآلَةٍ دَفَعاهَا إليه، فأشْبَهَ ما لو دَفَعَ إليه أَرْضَهُ لِيَزْرَعَها. وهكذا لو اشْتَرَكَ أرْبَعَةٌ من أحَدِهم دُكَّانٌ ومن آخَرَ رَحًى، ومن آخَرَ بَغْلٌ، ومن آخَرَ العَمَلُ، على أن يَطْحَنُوا بذلك، فما رَزَقَ (٣٧) اللهُ تعالى فهو بينهم، صَحَّ، وكان بينهم على ما شَرَطُوهُ. وقال القاضي: العَقْدُ فَاسِدٌ في المَسْأَلَتَيْنِ جَمِيعًا. وهو ظاهِرُ قولِ الشَّافِعِىِّ؛ لأنَّ هذا لا يجوزُ أن يكونَ مُشَارَكَةً ولا مُضَارَبَةً، لكَوْنِه (٣٨) لا يجوزُ أن يكونَ رَأْسُ مَالِهما العُرُوضَ، ولأنَّ من شُرُوطِهما (٣٩) عَوْدَ رَأْسِ المالِ سَلِيمًا، بمَعْنَى أنه لا يُسْتَحَقُّ شيءٌ من الرِّبْحِ حتى


(٣١) سقط من: الأصل، م.
(٣٢) في الأصل: "دابته".
(٣٣) سقط من: الأصل.
(٣٤) في ب، م: "الآخر".
(٣٥) في م زيادة: "قد".
(٣٦) في ب، م: "وكلاء".
(٣٧) في أ: "رزقهم".
(٣٨) في أ، ب، م: "لكونهما".
(٣٩) في الأصل: "شرطهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>