للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وارْتَجَعْتُكِ، ورَدَدْتُكِ، وأَمْسَكْتُكِ. لأَنَّ هذه الألفاظَ وَرَدَ بها الكتابُ والسُّنَّةُ، فالرَّدُّ والإِمْساكُ وَرَدَ بهما الكِتابُ بقولِهِ سبحانه: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِى ذَلِكَ} (١٣). وقال: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} يَعْنِى: الرَّجْعَةَ. والرَّجْعَةُ وَرَدَتْ بها السُّنَّةُ بِقَوْلِ النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "مُرْهُ (١٤) فَلْيُرَاجِعْهَا" (١٥). وقد اشْتَهَرَ هذا الاسْمُ فيها (١٦) بَيْنَ أَهْلِ العُرْفِ، كاشْتِهَارِ اسْمِ الطَّلاقِ فيه، فَإنَّهم يُسَمُّونَها رَجْعَةً، والْمَرْأَةَ رَجْعِيَّةً. ويَتَخَرَّجُ أَنْ يكونَ لَفْظُهَا هو الصِّرِيحُ وَحْدَه، لاشْتِهَارِهِ دُونَ غَيْرِهِ، كقَوْلِنا فى صَرِيحِ الطَّلاقِ، والاحْتِيَاطُ أَنْ يقولَ: رَاجَعْتُ امْرَأَتِى إلى نِكَاحِى أو زَوْجَتِى. أَو رَاجَعْتُها (١٧) لما وَقَعَ عليها مِنْ طَلاقِى. فإنْ قال: نَكَحْتُهَا. أو: تَزَوَّجْتُها. فهذا ليس بِصَرِيحٍ فيها؛ لأنَّ الرَّجْعَةَ ليستْ بِنِكاحٍ. وهل تَحْصُلُ به الرَّجْعَةُ؟ فيه وَجْهانِ؛ أحَدُهما، لا تَحْصُل به الرَّجْعَةُ (١٨)؛ لأَنَّ هذا كِنايَةٌ، والرَّجْعَةُ اسْتِبَاحَةُ بُضْعٍ مَقْصُودٍ، ولا تَحْصُلُ بِالكِنايَةِ، كالنِّكَاحِ. والثَّانِى، تَحْصُلُ به الرَّجْعَةُ. أَوْمأَ إليه أحمدُ. واخْتَارَه ابنُ حامِدٍ؛ لأَنَّهُ تُبَاحُ به الأَجْنَبِيَّةُ، فالرَّجْعِيَّةُ أَوْلَى. وعلى هذا، يَحْتاجُ أَنْ يَنْوِىَ به الرَّجْعَةَ؛ لأنَّ ما كان كِنَايَةً تُعْتَبَرُ له النِّيَّةُ، ككِناياتِ الطَّلاقِ.

فصل: فإنْ قال: رَاجَعْتُكِ لِلْمَحَبَّةِ. أو قالَ: لِلْإِهانَةِ. وقالَ (١٩): أَرَدْتُ أنَّنِى رَاجَعْتُكِ لِمَحَبَّتِى إيَّاكِ، أو إِهانَةً لكِ. صَحَّتِ الرَّجْعَةُ؛ لأَنَّهُ أَتَى بالرَّجْعَةِ، وبَيَّن


(١٣) سورة البقرة ٢٢٨.
(١٤) سقط من: الأصل.
(١٥) تقدم تخريجه فى: ١/ ٤٤٤.
(١٦) فى الأصل: "فيما".
(١٧) فى الأصل: "وراجعتها".
(١٨) سقط من: الأصل، ب.
(١٩) فى ب، م: "أو قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>