للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

آخَرَ. وإن قامَتْ للآخَرِ بِنَسَبِه بَيِّنةٌ، عُمِلَ بها، وبَطَلَ انْتِسَابُه؛ لأنها (٦٨) تُبْطِلُ قولَ القافَةِ (٦٩) , الذي هو مُقَدَّمٌ على الانْتِسابِ، فلَأن تُبْطِلَ الانْتِسَابَ أَوْلَى. وإن وُجِدَتْ قافَةٌ بعدَ انْتِسَابِه، فأَلْحَقَتْهُ بغيرِ من انْتَسَبَ إليه، بَطَلَ انْتِسَابُه أيضًا؛ لأنَّه أقْوَى، فبَطَلَ به الانْتِسابُ كالبَيِّنةِ مع قولِ القافَةِ.

فصل: وإن ادَّعَت امْرَأتانِ نَسَبَ وَلَدٍ، فذلك مَبْنِىٌّ على قَبُولِ دَعْواهما (٧٠)، فإن كانَتَا ممَّن لا تُقْبَلُ دَعْواهما، لم تُسْمَعْ دَعْواهما. وإن كانت إحْداهُما ممن تُسْمَعُ دَعْواها (٧١) دون الأُخْرَى، فهو ابْنُها (٧٢)، كالمُنْفَرِدَةِ به. وإن كانَتَا جميعا ممَّن تُسْمَعُ دَعواهما، فهما في إثْباتِه بالبَيِّنةِ أو كَوْنِه يُرَى القافَة مع عَدَمِها كالرَّجُلَيْنِ. قال أحمدُ، في رِوَايةِ بكرِ بن محمدٍ، في يَهُودِيّةٍ ومُسْلِمةٍ وَلَدَتَا، فادَّعَتِ اليَهُودِيّةُ وَلَدَ المُسْلِمةِ، فتَوَقَّفَ، فقيل: يُرَى القافة؟ فقال: ما أَحْسَنَهُ. ولأنَّ الشَّبَه يُوجَدُ بينها وبين ابْنِها، كوُجُودِه بين الرَّجُلِ وابْنِه، بل أكْثرَ، لِاخْتِصَاصِهَا (٧٣) بِحَمْلِه وتَغْذِيَتِه، والكافِرَةُ والمُسْلِمةُ، والحُرَّةُ والأمَةُ، في الدَّعْوَى واحِدَةٌ، كما قلنا في الرَّجُلِ. وهذا قولُ أصْحابِ الشافِعِىِّ، على الوَجْهِ الذي يقولُون فيه بِقَبُولِ دَعْواها (٧٤). وإن ألْحَقَتْهُ القافَةُ بأُمَّيْنِ، لم يُلْحَقْ بهما، وبَطَلَ قولُ القافَةِ؛ لأنَّنا نَعْلَمُ خَطَأَه يَقِينًا. وقال أصْحابُ الرَّأْىِ: يُلْحَقُ بهما بمُجَرَّدِ الدَّعْوَى؛ لأنَّ الأُمَّ أحَدُ الأَبَوَيْنِ، فجازَ أن يُلْحَقَ باثْنَيْنِ، كالآبَاءِ. ولَنا، أنَّ كَوْنَه منهما مُحالٌ يَقِينًا. فلم يَجُز الحُكْمُ به، كما لو كان أكْبَرَ (٧٥)


(٦٨) في الأصل زيادة: "قد".
(٦٩) في الأصل: "القائف".
(٧٠) في م: "دعوتهما". وقد وحدناها هنا وفيما يأتى.
(٧١) في النسخ هنا وفيما يأتى: "دعوتها".
(٧٢) في م: "ابن لها".
(٧٣) في م: "لاختصاصهما".
(٧٤) في الأصل: "دعوتها". وفي م: "دعوتهما".
(٧٥) في الأصل: "أكثر".

<<  <  ج: ص:  >  >>