للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الحَدَّ يُدْرَأُ بالشُّبُهاتِ، [والإِشارةُ ليستْ] (٢٤) صَريحَةً كالنُطْقِ، فلا (٢٥) تَخْلو مِن احتمالٍ وتَرَدُّد، فلا يَجِبُ الحَدُّ بها، كما لا يَجِبُ على أجْنَبِىٍّ بشَهادتِه. وقال القاضى، وأبو الخطَّابِ: هو كالنَّاطِقِ فى قَذْفِه ولِعانِه. وهو مذهبُ الشَّافعىِّ؛ لأنَّه يَصِحُّ طلاقُه، فَصَحَّ قَذْفُه ولِعانُه، كالنَّاطِقِ، ويُفارِقُ الشَّهادةَ؛ لأنَّه يُمْكِن حُصُولُها مِن غيرِه، فلم تَدْعُ الحاجةُ إلى الأخْرَسِ، وفى اللِّعانِ لا يَحْصُلُ إلَّا منه، فدَعَتِ الحاجةُ إلى قَبولِه منه، كالطَّلاقِ. والأوَّلُ أحْسَنُ؛ لأنَّ مُوجِبَ القذفِ وجُوبُ الحدِّ، وهو يُدْرأُ بالشُّبُهاتِ (٢٦)، ومقصودُ اللِّعانِ الأصْلىُّ نَفْىُ النَّسَبِ، وهو يَثْبُتُ بالإِمْكانِ، مع ظهورِ انْتفائِه، فلا يَنبغِى أَنْ يُشْرَعَ ما يَنْفِيه، ولا ما يُوجِبُ الحَدَّ مع الشُّبْهة العظيمةِ، ولذلك لم تُقْبَلْ شهادتُه. وقولهم: إنَّ الشَّهادةَ تَحْصُلُ مِن غيرِه. قُلْنا: قد لا تَحْصُلُ إلَّا منه؛ لاخْتصاصِه برؤيةِ المشْهودِ به (٢٧)، أو سَماعِه (٢٨) إيَّاه.

فصل: فإنْ قَذَفَ الأخْرَسُ ولَاعَنَ (٢٩) ثم تَكَلَّم، فأنْكَرَ القَذْفَ واللِّعانَ، لم يُقْبَلْ إنكارُه للقَذْفِ؛ لأنَّه قد تَعَلَّق به حَقٌّ لغيرِه بحُكْم الظَّاهِرِ، فلا يُقْبَلُ إنكارُه له، ويُقْبَلُ إنكارُه للِّعانِ فيما عليه، فيُطالَبُ بالحَدِّ، ويَلْحَقُه النَّسَبُ، ولا تَعُودُ الزَّوْجِيّةُ. فإنْ قال: أنا أُلاعِنُ للحَدِّ ونَفْىِ النَّسَبِ. كان له ذلك؛ لأنَّه إنَّما لَزِمَه بإقْرارِه أنَّه لم يُلاعِنْ، فإذا أراد أَنْ يُلاعِنَ كان له ذلك.

فصل: فإنْ قَذَفَها وهو ناطِقٌ، ثم خَرِسَ، وأُيِسَ مِن نُطْقِه، فَحُكْمُه حُكْمُ الأخْرَسِ (٣٠) الأَصْلِىِّ، وإِنْ رُجِىَ عَوْدُ نُطْقِه، وزَوالُ خَرَسِه، انْتُظِرَ به ذلك، ويُرْجَعُ


(٢٤) فى ب، م: "والشهادة لنسبة".
(٢٥) فى الأصل، أ: "ولا".
(٢٦) فى م: "بالشهادة".
(٢٧) فى م: "له".
(٢٨) فى م: "إسماعه".
(٢٩) فى ب، م: "أو لاعن".
(٣٠) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>