للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أحَدِهِما، وإن لم يُؤَدِّ الأمَانةَ فيها، وَجَبَ ضَمَانُها، ويَتَعَلَّقُ الضَّمانُ بِرَقَبةِ العَبْدِ وذِمّةِ السَّيِّدِ جَمِيعًا؛ لأنَّ التَّفْرِيطَ حَصَلَ منهما جَمِيعًا.

فصل: والمُكَاتَبُ كالحُرِّ في اللُّقَطَةِ؛ لأنَّ المالَ له في الحالِ، وأكْسابُه له دون سَيِّدِه، واللُّقَطَةُ من أكْسابِه (١٢)، فإن عَجَزَ عادَ عَبْدًا، وصارَ حُكْمُه في اللُّقَطةِ حُكْمَ العَبْدِ، على ما مَرَّ بَيانُه. وأُمُّ الوَلَدِ، والمُعَلَّقُ عِتْقُه بِصِفَةٍ، والمُدَبَّرُ، كالقِنِّ. ومَنْ نِصْفُه حُرٌّ إذا الْتَقَطَ شيئًا، ولم يكُنْ بينه وبين سَيِّدِه مُهَايَأةٌ، فهو بينهما بعدَ التَّعْرِيفِ نِصْفَيْنِ (١٣)، كسائِر أكْسابِه، وهى بينهما في حَوْلِ التَّعْرِيفِ كالحُرَّيْنِ إذا (١٤) الْتَقَطَا لُقَطَةً، وإن كان بينهما مُهَايَأةٌ، ففيها وَجْهانِ؛ أحدهما، لا تَدْخُلُ في المُهَايَأَةِ؛ لأنَّها كَسْبٌ نادِرٌ، لا يُعْلَمُ وُجُودُه ولا يُظَنُّ، فلم تَدْخُلْ في المُهَايأةِ، وتكونُ بينهما. والثانى: تدْخُلُ في المُهَايأةِ؛ لأنَّها من كَسْبِه، فأشْبَهَتْ ساِئرَ أكْسابِه، فإن وَجَدَها في يَوْمِه فهى له، وإن وَجَدَها في يومِ سَيِّدِه فهى له، وإن كان العَبْدُ مُشْتَرَكًا بين اثْنَيْنِ، فلُقَطَتُه بينهما، على ما ذَكَرْنا في من بعضُه حُرٌّ وبعضُه رَقِيقٌ.

فصل: والذِّمِّىُّ، في الالْتِقاطِ كالمُسْلِمِ. ومن أصحابِ الشافِعِىِّ مَن قال: ليس له الالْتِقاطُ في دارِ الإِسْلامِ؛ لأنَّه ليس من أهْلِ الأمَانةِ. ولَنا، أنَّها نَوْعُ اكْتِسابٍ، فكان من أهْلِهَا، كالحَشِّ والاحْتِطابِ. وما ذَكَرُوه يَبْطُلُ بالصَّبِىِّ والمَجْنُونِ، فإنَّه يَصِحُّ الْتِقَاطُهُما، مع عَدَمِ الأمانةِ. إذا ثَبَتَ هذا، فإنَّه إن عَرَّفَ اللُّقَطَةَ حَوْلًا كامِلًا (١٤)، مَلَكَها كالمُسلِمِ، وإن عَلِمَ بها الحاكِمُ أو السُّلْطانُ، أقَرَّها في يَدِه، وضَمَّ إليه مُشْرِفًا عَدْلًا يُشْرِفُ عليه، ويُعَرِّفُها؛ لأنَّنا لا نَأْمَنُ الكافِرَ على تَعْرِيفِها، ولا نَأْمَنُه أن يُخِلَّ في التَّعْرِيفِ بشيءٍ من الواجِبِ عليه فيه، وأجْرُ المُشْرِفِ عليه، فإذا


(١٢) في م: "اكتسابه".
(١٣) أي يقسم نصفين.
(١٤) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>