للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِتَعَلُّقِ الحُقُوقِ به. ومَن لا يَمْلِكُ. التَّصَرُّفَ في شيءٍ لِنَفْسِه، لا يَصِحُّ أن يَتَوَكَّلَ فيه، كالمَرْأةِ في عَقْدِ النِّكاحِ وقَبُولِه، والكافِرِ في تَزْوِيج مُسْلِمَة، والطِّفْلِ والمَجْنُون في الحُقُوقِ كلِّها.

فصل: ولِلمُكَاتَبِ أن يُوَكّلَ فيما يَتَصَرَّفُ فيه بِنَفْسِه. وله أن يَتوَكَّلَ بجُعْلٍ، لأنَّه من اكْتِسَابِ المالِ. ولا يُمْنَعُ المُكَاتَبُ من الاكْتِسَابِ، وليس له أن يَتَوَكَّلَ لغيرِه بغيرِ جُعْلٍ، إلا بإِذْنِ سَيِّدِه؛ لأنَّ مَنَافِعَه كأعْيانِ مالِه، وليس له بَذْلُ عَيْنِ مالِه بغيرِ عِوَضٍ. ولِلْعَبْدِ أن يَتَوَكَّلَ بإِذْنِ سَيِّدِه، وليس له التَّوْكِيلُ بغيرِ إِذْنِ سَيِّدِه، وإن كان مَأْذُونًا له في التِّجَارةِ؛ لأنَّ الإِذْنَ في التِّجَارةِ لا يَتَناوَلُ التَّوْكِيلَ. وتَصِحُّ وَكَالَةُ الصَّبِىِّ المُرَاهِقِ، إذا أَذِنَ له الوَلِىُّ؛ لأنَّه مِمَنْ يَصِحُّ تَصَرُّفُه.

٨٤٠ - مسألة؛ قال: (ويَجُوزُ التَّوْكِيلُ في الشِّرَاءِ والْبَيْعِ، ومُطَالَبةِ (١) الحُقُوقِ، والْعِتْقِ والطَّلَاقِ، حَاضِرًا كَانَ المُوَكِّلُ أو غَائِبًا)

لا نَعْلَمُ خِلَافًا في جَوازِ التَّوْكِيلِ في البَيْعِ والشِّراءِ. وقد ذَكَرْنا الدَّلِيلَ عليه من الآيةِ والخَبَرِ، ولأنَّ الحاجةَ داعِيَةٌ إلى التَّوْكِيلِ فيه؛ لأنَّه قد يكونُ مِمَّنْ لا يُحْسِنُ البَيْعَ والشِّرَاءَ، أو لا يُمْكِنُه الخُرُوجُ إلى السُّوقِ. وقد يكونُ له مالٌ ولا يُحْسِنُ التِّجَارةَ فيه، وقد يُحْسِنُ ولا يَتَفَرَّغُ، وقد لا تَلِيقُ به التِّجَارَةُ لكَوْنِه امْرَأةً، أو ممَّن يَتَعَيَّرُ بها، ويَحُطُّ ذلك من مَنْزِلَتِه، فأبَاحَها الشَّرْعُ دَفْعًا للحاجَةِ، وتَحْصِيلًا لِمَصْلَحَةِ الآدَمِىِّ المَخْلُوقِ لِعِبَادَةِ اللَّه سُبْحانَهُ. ويجوزُ التَّوْكِيلُ في الحَوَالةِ، والرَّهْنِ، والضَّمَانِ، والكَفَالةِ، والشَّرِكَةِ، والوَدِيعَةِ، والمُضَارَبةِ، والجَعَالَةِ، والمُسَاقاةِ، والإِجَارَةِ، والقَرْضِ، والصُّلْحِ، والوَصِيَّةِ، والهِبَةِ، والوَقْفِ، والصَّدَقَةِ، والفَسْخِ، والإِبْراءِ؛ لأنَّها في مَعْنَى البَيْعِ في الحاجَةِ إلى التَّوْكِيلِ فيها، فيَثْبُتُ فيها حُكْمُه. ولا نَعْلَمُ في شيءٍ من


(١) في الأصل: "وبمطالبة".

<<  <  ج: ص:  >  >>