للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطَّوَاحِينِ، والكَبِيرِ من الخَشَبِ، وقُدُورِ النُّحَاسِ، فهو كالإِبِلِ في تَحْرِيمِ أخْذِه، بل أَوْلَى منه؛ لأنَّ الإِبِلَ تَتَعَرَّضُ في الجُمْلَةِ لِلتَّلَفِ، إمَّا بالأسَدِ، وإمَّا بالجُوعِ أو العَطَشِ (١٠)، وغيرِ ذلك، وهذه بخِلَافِ ذلك، ولأنَّ هذه لا تَكادُ تَضِيعُ عن صاحِبِها ولا تَبْرَحُ من مَكَانِها بخِلَافِ الحَيَوانِ، فإذا حُرِّمَ أخْذُ الحَيَوانِ، فهذه أوْلَى.

فصل: فإن أخَذَ هذا الحَيَوانَ الذي لا يجُوزُ أخْذُه على سَبِيلِ الالْتِقاطِ، ضَمِنَه، إمَامًا كان أو غيرَه؛ لأنَّه أخَذَ مِلْكَ غيره بغيرِ إذْنِه، ولا إذْنِ الشَّارِعِ له، فهو كالغاصِبِ. فإن رَدَّه إلى مَوْضِعِه، لم يَبْرَأْ من الضَّمانِ. وبهذا قال الشافِعِيُّ. وقال مالِكٌ: يَبْرَأُ؛ لأنَّ عمرَ، رَضِىَ اللهُ عنه، قال: أرْسِلْهُ في المَوْضِعِ الذي أصَبْتَه فيه. وجَرِيرٌ طَرَدَ البَقَرةَ التي لَحِقَتْ بِبَقَرِه. ولَنا، أنَّ ما لَزِمَه ضَمَانُه لا يَزُولُ عنه (١١) إلَّا بِرَدِّه إلى صاحِبِه أو نائِبِه، كالمَسْرُوقِ والمَغْصُوبِ. وأمَّا حَدِيثُ جَرِيرٍ، فإنَّه لم يَأْخُذِ البَقَرةَ، ولا أخَذَها رَاعِيه، إنَّما لَحِقَتْ بالبَقَرِ، فطَرَدَها عنها، فأشْبَه ما لو دَخَلَتْ دَارَه فأخْرَجَها. فعلى هذا، متى لم يَأْخُذْها بحيثُ ثَبَتَتْ يَدُه عليها، لا يَلْزَمُه ضَمَانُها، [سواءٌ طَرَدَها أو لم يَطْرُدْها. وإن أخَذَها فلَزِمَه (١٢) ضَمَانُها] (١٣)، فدَفَعَها إلى الإِمامِ أو نائِبِه، زالَ عنه الضَّمانُ؛ لأنَّ له نَظَرًا في ضَوَالِّ النَّاس، بِدَلِيلِ أنَّ له أخْذَها، فكان نائِبًا عن أصْحَابِها فيها.

فصل: وللإِمامِ أو نائِبِه أخْذُ الضَّالَّةِ على وَجْهِ الحِفظِ لِصَاحِبِها؛ لأنَّ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، حَمَى مَوضِعًا يُقال له (١٤) النَّقيعُ لِخَيْلِ المُجَاهِدِينَ والضَّوَالِّ (١٥)، ولأنَّ للإِمَامِ نَظَرًا في حِفْظِ مالِ الغائِبِ، وفى أخْذِ هذه حِفْظٌ لها عن الهَلَاكِ. ولا يَلْزَمُه


(١٠) في م: "والعطش".
(١١) سقط من: الأصل
(١٢) في م "تلزمه". ولعل الصواب ما أثبتناه.
(١٣) سقط من: الأصل.
(١٤) سقطـ من: م.
(١٥) انظر ما تقدم في صفحة ١٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>