للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهى مُحْرَزَةٌ. والحُكْمُ في سائرِ المواشِى كالحُكْمِ في الإِبِل، على ما ذكَرْنا من (٧٢) التَّفْصيلِ فيها.

فصل: وإذا سَرَق من الْحَمَّامِ، ولا حافِظَ فيه، فلا قَطْعَ عليه، في قولِ عامَّتِهم. وإن كان ثَمَّ حافِظٌ. فقال أحمدُ: ليس على سارِقِ الحَمَّامِ قَطْعٌ. وقال في روايةِ ابنِ منصورٍ: لا يُقْطَعُ سارِقُ الحَمَّامِ، إلَّا أن يكونَ على المتاعِ قاعِدٌ، مثلَ ما صُنِعَ بصَفْوانَ. وهذا قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه مأذونٌ للناسِ في دُخولِه، فجرَى مَجْرَى سَرِقَةِ الضَّيْفِ من البيتِ المَأْذونِ له في دُخولِه، ولأنَّ دُخولَ الناسِ إليه يَكْثُرُ، فلا يتَمَكَّنُ الحافِظُ من حِفْظِ ما فيه. قال القاضي: وفيه روايةٌ أُخْرَى، أنَّه يَجِبُ القَطْعُ إذا كانَ فيه حافِظٌ. وهو قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ، وإسْحاقَ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ، لأنَّه متاعٌ له حافِظٌ، فيجبُ قَطْعُ سارِقِهِ، كما لو كان في بَيْتٍ. والأوَّلُ أَصَحُّ. وهذا يُفارِقُ ما في البيتِ من الوَجْهين اللَّذين ذكرْناهما. فأمَّا إن كان صاحبُ الثِّيَابِ قاعِدًا عليها، أو متوسِّدًا لها، أو جالِسًا وهى بين يدَيْه يَحْفَظُها، قُطِعَ سارِقُها بكلِّ حالٍ، كما قُطِعَ سَارِقُ رِدَاءِ صَفْوانَ من المسجِدِ، وهو متوسِّدٌ له. وكذلك إن كان نائبُ صاحِبِ الثِّيابِ، إمَّا الحَمَّامِىُّ وإمَّا غيرُه، حافظًا لها على الوَجْهِ، قُطِعَ سارقُها؛ لأنَّها مُحْرَزَةٌ. وإن لم تكن كذلك، فقال القاضي: إن نَزَعَ الداخِلُ ثيابَه، على ما جرَتْ به العادَةُ، ولم يَسْتَحْفِظْها لأحَدٍ، فلا قَطْعَ على سارقِها، ولا غُرْمَ على الحَمَّامِىِّ؛ لأنَّه غيرُ مُودَعٍ فيَضْمَنُ، ولا هي مُحْرَزةٌ فَيُقْطَعُ سارِقُها، وإن اسْتحفَظَها الحَمَّامِىَّ، فهو مُودَعٌ يَلْزَمه مُراعاتُها بالنَّظَرِ والحِفْظِ، فإن تشاغَلَ عنها، أو تركَ النَّظَرَ إليها، فسُرِقَتْ، فعليه الغُرْمُ لتَفْرِيطِه، ولا قَطْعَ على السَّارِقِ؛ لأنَّه لم يسْرِقْ من حِرْزٍ. وإن تعاهدَها الْحَمَّامِىُّ بالحِفْظِ والنَّظَرِ، فسُرِقَتْ، فلا غُرْمَ عليه؛ لعَدَمِ تَفْرِيطِه، وعلى السَّارِقِ القَطْعُ؛ لأنَّها مُحْرَزَةٌ. وهذا مذهبُ الشَّافِعِى. وظاهِرُ مَذْهَبِ أحمدَ، أنَّه لا قَطْعَ عليه في هذه الصُّورَةِ أيضًا (٧٣)؛


(٧٢) في ب: "في".
(٧٣) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>