للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه على التَّأْبِيدِ، فهذا أوْلَى، ولأنَّ آياتِ الإِباحةِ عامَّةٌ، كقوله تعالى: {وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ} (٩). وقولِه: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ} (١٠). فلا يجوزُ تَخْصِيصُها بغيرِ دليلٍ، وما رُوِىَ عن عمرَ فى تَحْرِيمها، فقد خالَفَه عليٌّ فيه، ورُوِىَ عن عمرَ، أنَّه رَجَعَ عن قولهِ فى التَّحْرِيمِ إلى قولِ عليٍّ، فإنَّ عَلِيًّا قال: إذا انْقَضَتْ عِدّتُها، فهو خاطِبٌ من الخُطَّابِ. فقال عمرُ: رُدُّوا الْجَهالاتِ إلى السُّنَّةِ. ورَجَعَ إلى قولِ عليٍّ (١١). وقِياسُهُم يَبْطُلُ بما إذا زَنَى بها، فإنَّه قد اسْتَعْجَلَ وَطْأهَا، ولا تَحْرُمُ عليه على التَّأْبِيدِ. وَوَجْهُ تحرِيمِها (١٢) قبلَ انْقِضاءِ (١٣) عِدَّةِ الثانى عليه قولُ اللهِ تعالى: {وَلَا تَعْزِمُوا عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّى يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ} (١٤). ولأنَّه وَطْءٌ يَفْسُدُ به النَّسَبُ، فلم يَجُز النِّكاحُ فى العِدَّةِ منه، كوَطْءِ الأجْنَبِىِّ.

فصل: وكلُّ مُعْتَدَّةٍ من غيرِ النِّكاحِ الصَّحِيحِ، كالزَّانيةِ، والمَوْطُوءةِ بشُبْهةٍ، أو فى نكاحٍ فاسِدٍ، فقِياسُ المذهبِ تحْريمُ نِكاحِها على الواطىءِ وغيرِه. والأَوْلَى حِلُّ نِكاحِها لمَنْ هى مُعْتَدَّةٌ منه، إن كان يَلْحَقُه نَسَبُ وَلَدِها؛ لأنَّ العِدَّةَ لحِفْظِ مائِه، وصِيانةِ نَسَبِه، ولا يُصانُ ماؤُه المُحَرَّمُ (١٥) عن مائِه المُحْتَرَمِ، ولا يُحْفَظُ نَسَبُه عنه، ولذلك أُبِيحَ للمُخْتَلعةِ نكاحُ مَنْ خالَعَها، ومَنْ لا يَلْحَقُه نَسَبُ وَلَدِها كالزَّانِيَةِ، لا يَحِلُّ له نِكاحُها؛ لأنَّ نِكاحَها يُفْضِى إلى اشْتِباه النَّسَبِ، فالواطئُ كغيرِه، في أنَّ الوَلَدَ لا يَلْحَقُ نَسَبُه بواحدٍ منهما.


(٩) سورة النساء ٢٤.
(١٠) سورة المائدة ٥.
(١١) أخرجه البيهقى، فى: باب الاختلاف فى مهرها وتحريم نكاحها على الثانى، من كتاب العدد. السنن الكبرى ٧/ ٤٤١، ٤٤٢. وسعيد بن منصور، فى: باب من راجع امرأته وهو غائب، من كتاب الطلاق. السنن ١/ ٣١٤.
(١٢) فى م زيادة: "عليه".
(١٣) فى أ، ب: "قضاء".
(١٤) سورة البقرة ٢٣٥.
(١٥) فى الأصل، أ، م: "المحترم".

<<  <  ج: ص:  >  >>