للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فصل: ويجوزُ لوَلِيِّ اليَتِيمِ كِتابَةُ رَقِيقِ اليَتِيمِ، وإعتاقُه على مالٍ، إذا كان الحَظُّ فيه، مِثْلُ أنْ تَكُونَ قِيمَتُه ألْفًا، فيُكاتِبَه بألفَيْنِ، [أو يُعْتِقَه بألْفَيْنِ] (١٦). فإنْ لم يَكُنْ فيها حَظٌّ، لم يَصِحَّ. وقال مالِكٌ، وأبو حنيفةَ: لا يَجُوزُ إعتاقُه؛ لأنَّ الإِعتاقَ بمالٍ تعْلِيقٌ له على شَرْطٍ، فلم يَمْلِكْه وَلِيُّ اليَتِيمِ، كالتَّعْلِيقِ على دُخُولِ الدّارِ. وقال الشّافِعِىُّ: لا تجوزُ كِتابَتُه، ولا إعتاقُه؛ لأنَّ المَقْصُودَ مِنهما العِتْقُ، دُونَ المُعاوَضَةِ، فلم تَجُزْ، كالإِعتاقِ بغيرِ عِوَضٍ. ولَنا، أنَّها مُعاوَضَةٌ لليَتِيمِ فيها حَظٌّ، فمَلَكَها وَلِيُّه، كبَيْعِه، ولا عِبْرَةَ بنَفْعِ العبدِ، ولا يَضُرُّه كَوْنُه تَعْلِيقًا، فإنَّه إذا حَصَلَ الحَظُّ لليَتِيمِ، لا يَضُرُّه نَفْعُ غيرِه، ولا كَوْنُ العِتْقِ حَصَلَ بالتَّعْلِيقِ، وفارَقَ ما قاسُوا عليه؛ فإنَّه لا نَفْعَ فيه، فمُنِعَ مِنه، لعَدَمِ الحَظِّ، وانْتِفاءِ المُقْتَضِى، لا لِما ذَكَرُوه. ولو قُدِّرَ أنْ يَكُونَ فى العِتْقِ بغيرِ مالٍ نَفْعٌ، كان نادِرًا. ويَتَوَجَّهُ أنْ يَصِحَّ. قال أبو بكرٍ: يَتَوَجَّهُ العِتْقُ بغيرِ عِوَضٍ للحَظِّ، مِثْلُ أنْ يكونَ لليَتِيمِ جارِيَةٌ وابْنَتُها، يُسَاوِيانِ مِائةً مُجْتَمِعَيْنِ، ولو أُفرِدَتْ إحداهما ساوَتْ مِائَتَيْنِ، ولا يُمْكِنُ إفرادُها بالبَيْعِ، فيُعْتِقُ الأُخْرَى، لتَكْثُرَ قِيمَةُ الباقِيَةِ، فتَصِيرَ ضِعْفَ قِيمَتِها.

فصل: قال أحمدُ: ويجوزُ للوَصِيِّ أنْ يَشْتَرِىَ لليَتِيمِ أُضْحِيَّةً، إذا كان له مالٌ. يَعْنِى مالًا كَثِيرًا لا يَتَضَرَّرُ بشِراءِ الأُضْحِيَّةِ، فيكونُ ذلك، على وَجْهِ التَّوْسِعَةِ فى النَّفَقَةِ فى هذا اليَوْمِ، الذى هو عِيدٌ، ويَوْمُ فَرَحٍ، وفيه جَبْرُ قَلْبِه، وتَطْيِيبُه، وإلحاقُه بمَن له أبٌ، فيُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ (١٧) الثِّيَابِ الحَسَنَةِ وشِراءِ اللَّحْمِ، سِيَّما مع اسْتِحْبابِ التَّوْسِعَةِ فى هذا اليَوْمِ، وجَرْىِ العادَةِ بها (١٨)؛ بدَلِيلِ قولِ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّهَا أَيَّامُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ، وَذِكْرٍ للهِ عَزَّ وَجَلَّ". رواه مُسْلِمٌ (١٩). ومتى كان خَلْطُ مالِ


(١٦) سقط من: الأصل.
(١٧) فى الأصل: "بمنزلة".
(١٨) فى م: "فيها".
(١٩) تقدَّم تخريجه عند مسلم، من حديث نبيشة الهذلى، فى: ٤/ ٤٢٥. وانظر ما أخرجه مسلم، فى الباب نفسه. صحيح مسلم ٢/ ٨٠١.=

<<  <  ج: ص:  >  >>