للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكَذَلِك الحُكْم إِنْ ذَكَرَ الفِعْلَ بلَفْظِ الماضِى، فقال: أقْسَمْتُ باللَّهِ، أو شَهِدْتُ باللَّهِ. قال عبدُ اللَّه بنُ رَواحَةَ:

* أَقْسَمْتُ باللَّه لتَنْزِلِنَّهْ (٥) *

وإِنْ أرادَ بقولِه: أَقْسَمْتُ باللَّهِ. الخبرَ عن قَسَمٍ ماضٍ، أو بقولِه: أُقْسِمُ باللَّهِ. الخَبَرَ (٦) عن قَسَمٍ يَأْتِى بهِ، فلا كَفَّارَةَ عليه. وإنِ ادَّعَى إِرادَةَ ذلك، قُبِلَ منه. وقال القاضِى: لا يُقبَل فى الحكمِ. وهو قولُ بعض أصحابِ الشافِعِىِّ؛ لأنَّه خِلافُ الظّاهِرِ. ولَنا، أَنَّ هذا حُكْم فيما بَيْنَه وبينَ اللَّه تعالى، فإذا عَلِمَ مِن نَفْسِه أنَّه نَوَى شيئًا وأرادَه (٧)، مع احْتمالِ اللفْظِ إيَّاه، لم تَلْزَمْه كَفّارَةُ شىءٍ (٦). وإِنْ قالَ: شَهِدْتُ باللَّهِ أنِّى آمَنْتُ باللَّهِ. فليس بِيَمِينٍ. وإِنْ قال: أعْزِمُ باللَّهِ. يقْصِدُ الْيَمِينَ، فهو يَمِينٌ. وإِنْ أَطْلَقَ، فظاهِرُ كلامِ الخِرَقِىّ أنَّه يَمِينٌ. وهو قولُ ابنِ حامِدٍ. وقال أبو بكرٍ: ليس بيَمِينٍ. وهو قولُ الشافِعِىِّ؛ لأنَّه لم يثْبُتْ له عُرْفُ الشَّرْعِ، ولا الاسْتعمالُ، وظاهِرُه غيرُ اليَمِينِ؛ لأنَّ مَعْناهُ أقْصِدُ باللَّهِ لأَفْعَلَنَّ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، أنَّه يَحْتَمِلُ اليَمِينَ، وقد اقتَرَنَ به ما يَدُلُّ عليه، وهو جَوابُه بجَوابِ القَسَمِ، فيكونُ يَمِينًا. فأمَّا إنْ نَوَى بقولِه غيرَ الْيَمِينِ، لم يكُنْ يَمِينًا.

فصل: وإِنْ قال: أَحْلِفُ باللَّهِ، أو أُولِى باللَّه، أو حَلَفْتُ باللَّهِ، أو آلَيْتُ باللَّهِ، أو ألِيَّةً باللَّهِ، أو حَلِفًا باللَّه، أو قَسَمًا باللَّه. فهو يَمِينٌ، سَواءٌ نَوَى به اليَمِينَ أو أَطْلَقَ؛ لما ذَكَرْناه فى: أُقْسِمُ باللَّه. وحُكْمُهُ حُكْمُه فى تَفْصِيلِه؛ لأَنَّ الإِيلاءَ والحَلِفَ [فى القَسَمِ] (٨) واحدٌ، قال اللَّه تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ}. وقال سعدُ بن مُعاذٍ: أَحْلِفُ باللَّهِ، لقد جاءَكُم أُسَيْدٌ بغيرِ الوَجْهِ الذى ذَهَبَ بِه. وقال الشاعر (٩):

أُولِى برَبِّ الرَّاقِصاتِ إلى مِنًى ... ومَطارِحِ الأكْوارِ حيثُ تَبِيتُ


(٥) ديوانه ١٥٣.
(٦) سقط من: م.
(٧) فى م: "أو أراده".
(٨) فى م: "والقسم".
(٩) لم نجده فيما بين أيدينا.

<<  <  ج: ص:  >  >>