للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَخِيه. وقال صاحِبَاهُ: يَعْتِقُ ثَلَاثَةُ أرْباعِه. وعند الشافِعِيِّ، في قولِ غيرِ الْخَبْرِىّ، يَعْتِقُ نِصْفُه، ويَرِقُّ نِصْفُه، ونصفُه الرَّقِيق والخَمْسُون كلُّها لأَخِيه. وإن كان باقِى التَّرِكَة ثَلَاثُمائة، فعندَنا يَعْتِقُ وله مائة وخَمْسُونَ. وعند الشافِعِيّ، يَعْتِقُ ولا يَرِثُ شَيْئًا. وعند صاحِبَىْ أبى حنيفةَ، يَعْتِقُ وله مائةٌ. فإن كان اشْتَرَى ابنَه بمائةٍ، وماتَ، وخَلَّفَ ابْنًا آخَرَ ومائةً أُخْرى، فعلى الرِّوَايَةِ الأُولَى، يَعْتِق ويُقَاسمُ (١٦) أخاه المائةَ الباقِيةَ. وعلى ما حَكَاهُ القاضِى، يَعْتِقُ منه ثُلُثاه، ويَرِثُ أرْبَعِينَ، ويَعتِقُ باقِيه على أخِيه، ولا يَرِثُ بذلك الجُزْءِ شَيْئًا؛ لأنَّ عَتْقَه حَصَلَ بعد مَوْتِ أبِيه. وعند الشافِعِيِّ يَعْتِقُ ثُلُثَاه، ولا يَرِثُ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثَاه، ويَسْعَى في باقِيه، ولا يَرِثُ. وعند صاحِبَيه، يَعْتِقُ كلُّه، ولا يَرِثُ شَيْئًا، فإن كان قد تَصَدَّقَ قبلَ ذلك بِثُلُثِه، أو حَابَى به، لم يَعْتِقْ؛ لأنَّ الثُّلُثَ قد ذَهَبَ.

فصل: وإن مَلَكَ من وَرَثَتِه مَن لا يَعْتِقُ عليه، كبَنِى عَمِّه، فأَعْتَقَهُم في مَرَضِه، فَعِتْقُهُم وَصِيَّةٌ؛ لأنَّه حَصَلَ بفِعْلِه واخْتِيَارِه، وحُكْمُهُم في العِتْقِ حُكْمُ الأجانِبِ، إن خَرَجُوا من الثُّلُثِ عَتَقُوا، وإلَّا عَتَقَ منهم بِقَدْرِ الثُّلُثِ. ويَنْبَغِى أن يَعْتِقُوا ولا يَرِثُوا؛ لأنَّهم لو وَرِثُوا لَكانت وَصِيَّةً لِوَارِثٍ، فيَبْطُلُ عِتْقُهُم، ثم يَبْطُلُ مِيرَاثُهُم. وقد قال أبو الخَطَّابِ، في رَجُلٍ مَلَكَ ابن عَمِّه، فأقَرَّ في مَرَضِه أنَّه كان أعْتَقَه في صِحَّتِه: عتقَ، ولم يَرِثْ. وهذا في مَعْنَى ما ذَكَرْنا؛ لأنَّ إقْرارَه لوارِثٍ غيرُ مَقْبُولٍ، فمَنَعْنَا مِيرَاثَه ليُقْبَلَ إقْرَارُه له بالإِعْتَاقِ.

فصل: مَرِيضٌ اشْتَرَى أباه بأَلْفٍ، لا مالَ له سِوَاهُ، فعلى رِوَايةِ الخَبْرِيِّ (١٧)، يَعْتِقُ كلُّه. وعلى القولِ الآخَر يَعْتِقُ ثُلُثُه على (١٨) المُعْتِقِ، ويَعْتِقُ باقِيه على ابْنِه. وهذا قولُ مالِكٍ. وقال أبو حنيفةَ: يَعْتِقُ ثُلُثُه، ويَسْعَى لِلابْنِ في ثُلُثَيْه. وعلى قولِ


(١٦) في م: "ويقسم".
(١٧) في أ، م: "الخبر".
(١٨) في م: "وعلى".

<<  <  ج: ص:  >  >>