للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال اللَّه تعالى لزَكَرِيَّا: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا} (٩). يريدُ بأيَّامِها (١٠)، بدليلِ أنَّه قال فى مَوْضعٍ آخرَ: {آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا} (١١). يريدُ بلَيالِيها. ولو نَذَرَ اعْتِكافَ العَشْرِ الأخيرِ من رمضانَ، لَزِمَه اللَّيالى والأيامُ. ويقول القائلُ: سِرْنا عَشْرًا. يُريدُ اللَّيالِىَ بأيَّامِها. فلم يَجُزْ نَقْلُها عن العِدَّةِ إلى الإِباحةِ بالشَّكِّ.

فصل: وإذا مات زَوجُ الرَّجْعيَّةِ، استأنَفَتْ عِدَّةَ الوَفاةِ، أَرْبعةَ أشْهُرٍ وعَشْرًا، بلا خلافٍ. وقال ابنُ المُنْذِرِ: أجْمَعَ كلُّ مَنْ نَحْفَظُ عنه من أهلِ العلمِ على ذلك. وذلك لأنَّ الرَّجْعِيَّةَ زَوجةٌ يَلْحَقُها طَلاقُه، وينالُها مِيِراثُه، فاعْتدَّتْ للوفاةِ، كغيرِ المُطَلَّقةِ. وإن مات مُطَلِّقُ البائنِ فى عِدَّتِها، بَنَتْ على عِدَّةِ الطلاقِ، إلَّا أن يُطَلِّقَها فى مَرَضِ مَوْتِه، فإنَّها تَعْتَدُّ أطْوَلَ الأجَلَيْنِ من عِدَّةِ الوفاةِ أو ثلاثةِ قُرُوءٍ. نَصَّ على هذا أحمدُ. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وأبو حنيفةَ، ومحمدُ بن الحسنِ. وقال مالكٌ، والشافعىُّ، وأبو عُبَيْدٍ، وأبو ثَوْرٍ، وابنُ المُنْذِرِ: تَبْنِى على عِدَّةِ الطلاقِ؛ لأنَّه مات وليست زَوْجةً له، لأنَّها بائنٌ مِن النكاحِ، فلا تكونُ مَنْكُوحةً. ولَنا، أنَّها وارِثَةٌ له، فيجِبُ عليها عِدَّةُ الوفاةِ، كالرَّجْعِيَّةِ، وتَلْزَمُهَا عِدَّةُ الطلاقِ؛ لما ذكَرُوه فى دليلِهم، وإن مات المريضُ المُطَلِّقُ بعدَ انْقِضاءِ عِدَّتِها بالحِيَضِ، أو بالشُّهورِ، أو بوَضْعِ الحَمْلِ، أو كان طلاقُه قبلَ الدُّخولِ، فليس عليها عِدّةٌ لمَوْتِه. وقال القاضى: عليهنَّ عِدَّةُ الوفاةِ إذا قُلْنا: يَرِثْنَه. لأنَّهنَّ يَرِثْنَه بالزَّوْجِيَّةِ، فتَجِبُ عليهنَّ عِدَّةُ الوَفاةِ، كما لو مات بعدَ الدُّخولِ وقبلَ (١٢) قضاءِ العِدَّةِ. وروَاه أَبو طالبٍ عن أحمدَ، في التى انْقَضَتْ عِدّتُها. وذكر ابنُ أبي موسى فيها روايتَيْن. والصَّحِيحُ أنَّها لا عِدَّةَ


(٩) سورة مريم ١٠.
(١٠) فى ب، م: "أيامها".
(١١) سورة آل عمران ٤١.
(١٢) سقطت الواو من: أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>