للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَكَلَ أحَدُهما، قُضِىَ عليه. وإن كان الخِلافُ فى ذلك قبلَ عَجْزِها، فادَّعَتْ على أحَدِهما، فالقَوْلُ قولُه مع يَمِيِنه. وإن ادّعَتْ على أحدِهما غيرَ مُعَيَّنٍ، لم تُسْمَعِ الدَّعْوَى.

فصل: فإنْ أوْلَدَها كلُّ واحدٍ منهما، واتَّفَقا على السَّابِقِ منهما، فعلى قولِ الخِرَقِىِّ، تَصِيرُ أُمَّ ولَدٍ له، ووَلَدُه حُرٌّ، لَاحِقُ النَّسَبِ به. والخِلافُ فى ذلك، كالخِلافِ فيما إذا انْفَرَدَ بإيلادِها، سَواءً. وأمَّا الثانى، فعلى قولِ الْخِرَقِىِّ، قد وَطِئَ أُمَّ وَلَدِ غيرِه بشُبْهةٍ (٣٦)، وأوْلَدَها، فلا تَصِيرُ أُمَّ ولَدٍ له؛ لأنَّها مَمْلوكةُ غيرِه، فأشْبَهَ ما لو باعَها ثم أوْلَدَها، وعليه مَهْرُها لها (٣٧)؛ لأنَّ الكِتابةَ لم تَبْطُلْ، والوَلَدُ حُرٌّ؛ لأَنَّه وَطْءُ شُبْهةٍ، وعليه قِيمَتُه للأوَّلِ؛ لأَنَّه فَوَّتَ رِقَّه عليه، فكان مِن سَبِيلِه أَنْ يكونَ رَقِيقًا له، حُكْمُه حُكْمُ أُمِّه (٣٨)، فتَلْزَمُه قِيمَتُه على هذه الصِّفةِ. وقد ذكَرْنا فى وُجُوبِ نِصْفِ قِيمَةِ الأوَّلِ خِلافًا؛ فإنْ قُلْنا بوُجُوبِها، تَقَاصَّا [بما لكلِّ واحدٍ] (٣٩) منهما على صاحِبِه فى القَدْرِ الذى تَساوَيَا فيه، ويَرْجِعُ ذو الفَضْلِ بفَضْلِه، وتُعْتَبَرُ القِيمةُ يومَ الوِلادةِ؛ لأنَّها أوّلُ حالٍ أمْكَنَ التَّقْوِيمُ فيها. وذكَرَ القاضى فى هذه المسألةِ أرْبعةَ أحْوالٍ؛ أحدها، أَنْ يكوَنا مُوسِرَيْنِ، فالحُكْمُ على ما ذكرْنا، إِلَّا أنَّه جَعَلَ المَهْرَ الواجبَ على الثانى للأوَّلِ. وهذا مذهبُ الشافعىِّ. ولا يَصِحُّ؛ لأنَّ الكتابةَ لا تَبْطُلُ بالاسْتِيلادِ، ومَهْرُ المُكاتَبةِ لها دُونَ سَيِّدِها، ولأنَّ سَيِّدَها لو وَطِئَها وَجَبَ (٤٠) عليه المهرُ لها، فلَأنْ لا يَمْلِكَ المَهْرَ الواجبَ على غيرِه أوْلَى، ولأنَّه عِوَضُ نَفْعِها، فكان لها، كأُجْرَتِها. الثانى، أَنْ يكونَ الأوَّلُ مُوسِرًا والثانى مُعْسِرًا، فيكونَ كالحالِ الذى قبلَه، سَواءً. قال القاضى: إِلَّا أَنَّ ولَدَه يكونُ مَمْلوكًا؛ لإِعْسارِه بقِيمَتِه. وهذا غيرُ صحيحٍ؛ لأنَّ الولَدَ لا يَرِقُّ لإِعْسارِ والدِه، بدليلِ ولَدِ المَغْرُورِ مِن أمَةٍ، والوَاطِئ (٤١) بشُبْهةٍ (٤٢). كلُّ مَوْضِع حَكَمْنا بحُرِّيَّةِ الوَلَدِ (٤٣)، لا يَخْتَلِفُ بالإِعْسارِ


(٣٦) فى الأصل: "لشبهة".
(٣٧) سقط من: م.
(٣٨) فى الأصل: "أمته".
(٣٩) فى الأصل، ب: "بما لواحد". وفى أ: "فالواحد".
(٤٠) فى م: "لوجب".
(٤١) فى م: "والوطء".
(٤٢) فى أ، ب: "للشبهة".
(٤٣) فى ب: "الأول".

<<  <  ج: ص:  >  >>