للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من زِيادَةِ المَرَضِ وتَطَاوُلِه، فالخَوْفُ من تَجَدُّدِ المَرَضِ في مَعْناه. قال أحمدُ في مَن به شَهْوَةٌ غالِبَةٌ لِلْجِماعِ، يَخافُ أن تَنْشَقَّ أُنْثَياهُ (٥)، فله الفِطْرُ. وقال في الجارِيَةِ: تَصُومُ إذا حاضَتْ، فإنْ جَهَدَهَا الصومُ فَلْتُفْطِرْ، ولتَقْضِ. يعنى إذا حَاضَتْ وهى صَغِيرَةٌ لم تَبْلُغْ خَمْسَ عَشَرَةَ سنةً. قال القاضي: هذا إذا كانت تَخافُ المَرَضَ بِالصِّيامِ، أُبِيحَ لها الفِطْرُ، وإلَّا فلا.

فصل: ومَن أُبِيحَ له الفِطْرُ لِشِدَّةِ شَبَقِه، إن أمْكَنَهُ اسْتِدْفاعُ الشَّهْوَةِ بغيرِ الجِماعِ (٦)، كالاسْتِمْناءِ بِيَدِه، أو بِيَدِ امْرَأتِه أو جَارِيَتِه، لم يَجُزْ له الجِماعُ؛ لأنَّه فِطْرٌ لِلضَّرُورَةِ، فلم تُبَحْ له الزِّيادَةُ على ما تَنْدَفِعُ به الضَّرُورَةُ، كأكْلِ المَيْتَةِ عندَ الضَّرُورَةِ. وإن جامَعَ فعليه الكَفَّارَةُ. وكذلك إنْ أمْكَنَه دَفْعُها بما لا يُفْسِدُ صَوْمَ غيرِه، كوَطْءِ زَوْجَتِه أو أمَتِه الصَّغِيرَةِ، أو الكِتَابِيَّةِ، أو [المُباشَرَةِ للكَبِيرَةِ] (٧) المُسْلِمةِ دُونَ الفَرْجِ، أو الاسْتِمْناء بِيَدِها أو بِيَدِه، لم يُبَحْ له إفْسادُ صومِ غيرِه؛ لأنَّ الضَّرُورَةَ إذا انْدَفَعَتْ لم يُبَحْ له ما وَرَاءهَا، كالشِّبَعِ من المَيْتَةِ إذا انْدَفَعَتِ الضَّرُورَةُ بِسَدِّ الرَّمَقِ. وإنْ لم تَنْدَفِع الضَّرُورَةُ إلَّا بِإِفْسَادِ صَوْمِ غيرِه، أُبِيحَ ذلك؛ لأنَّه ممَّا تَدْعُو الضَّرُورَةُ إليه، فأُبِيحَ كفِطْرِه، وكالحامِلِ والمُرْضِعِ يُفْطِرانِ خَوْفًا على وَلَدَيْهما. فإنْ كان له أمْرَأتانِ؛ حَائِضٌ، وطَاهِرٌ صَائِمَةٌ، ودَعَتْهُ الضَّرُورَةُ إلى وَطْءِ إحْداهُما، احْتَمَلَ وَجْهَيْنِ: أحدُهما، وَطْءُ الصَّائِمَةِ أوْلَى؛ لأنَّ اللَّه تعالى نَصَّ على النَّهْىِ عن وَطْءِ الحائِضِ في كِتَابِه، ولأنَّ وَطْأها فيه أَذًى لا يَزُولُ بالحاجَةِ إلى الوَطْءِ. والثاني: يَتَخَيَّرُ؛ لأنَّ وَطْءَ الصَّائِمَةِ يُفْسِدُ صِيامَها، فتَتَعارَضُ المَفْسَدَتان، فيَتَساوَيانِ.


(٥) أنثياه: خصيتاه.
(٦) في م: "جماع".
(٧) في م: "مباشرة الكبيرة".

<<  <  ج: ص:  >  >>