للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٨٤ - مسألة؛ قال: (فَإِنْ أُعْتِقَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَارَ، أَوْ وَطِئَهَا، بَطَلَ خِيَارُهَا، عَلِمَتْ أَنَّ الْخِيَارَ لَهَا أَوْ لَمْ تَعْلَمْ)

وجملةُ ذلك أَنَّ خِيَارَ المُعْتَقَةِ على التَّرَاخِى، ما لم يُوجَدْ أحَدُ هذينِ الأَمْرينِ؛ عِتْقِ زَوْجِها، أوْ وَطْئِه لها، ولا يُمْنَعُ الزَّوْجُ من وَطْئِها. وممَّن قال إنَّه على التَّراخِى؛ مالكٌ، والأَوْزَاعىُّ. ورُوِىَ ذلك عن عبدِ اللَّه بن عمرَ، وأُخْتِه حَفْصةَ. وبه قال سليمانُ بن يسارٍ، ونافعٌ، والزُّهْرِىُّ، وقَتادةُ. وحكاه بعضُ أهلِ العلمِ عن الفُقَهاء السَّبْعةِ. وقال أبو حنيفةَ، وسائرُ العِرَاقِيِّينَ: لها الخِيارُ فى مَجْلِسِ العِلْمِ. وللشافعىِّ ثلاثةُ أقوالٍ؛ أظْهَرُها كقَوْلِنا. والثانى، أنَّه على الفَوْرِ، كخِيارِ الشُّفْعةِ. والثالث، أنَّه (١) إلى ثَلاثةِ أيامٍ. ولَنا، ما رَوَى الإِمامُ أحمدُ، فى "المُسْنَدِ" (٢)، بإسْنادِه عن الحسنِ بن عمروِ بن أُمَيَّةَ، قال: سَمِعْتُ رِجالًا يتَحَدَّثُونَ عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "إِذَا عَتَقَتِ الْأَمَةُ، فَهِىَ بالْخِيَارِ، مَا لَمْ يَطَأْهَا، إنْ شَاءَتْ فَارَقَتْهُ، وإِنْ وَطِئَها فَلَا خِيَارَ لَهَا". رَوَاه الأَثْرَمُ أيضًا. ورَوَى أبو داودَ (٣)، أنَّ بَرِيرَةَ عَتَقَتْ وهى عندَ مُغِيثٍ، عبدٍ لآل أبى أحمدَ، فخَيَّرها النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، فقال لها: "إِنْ قَرَبَكِ فَلَا خِيَارَ لَكِ". ولأنَّه قولُ مَنْ سَمَّيْنا من الصحابةِ، ولا مُخالِفَ لهم فى عَصْرِهِم. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: لا أعْلَمُ لِابْنِ عمرَ وحَفْصةَ مُخالِفًا من الصحابةِ. ولأنَّ الحاجةَ داعِيةٌ إلى ذلك، فثَبَتَ، كخِيارِ القِصَاصِ، أو خِيَارٍ لدَفْعِ ضَرَرٍ مُتَحَقِّقٍ، فأشْبَهَ ما قُلْناه. إذا ثَبَتَ هذا، فمتى عَتَقَ قبلَ أن تَخْتارَ، سَقَطَ خِيارُها؛ لأنَّ الخِيَارَ لِدَفْعِ الضَّرَرِ بالرِّقِّ، وقد زال بعِتْقِه، فسَقَطَ، كالمَبِيعِ إذا


(١) سقط من: الأصل.
(٢) المسند ٤/ ٦٥.
(٣) فى: باب متى يكون لها الخيار، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٨.
كما أخرجه الدارقطنى، فى: باب المهر، من كتاب النكاح. سنن الدارقطنى ٣/ ٢٩٤. وانظر ما سبق، فى: ٦/ ١٨، ٩/ ٣٨٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>