للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّحْبَةِ مُسْتَحَبٌّ وليس بِوَاجِبٍ. وإن لم تُقِمْ فى الرَّحْبَةِ، ورَجَعَتْ إلى مَنْزِلِها أو غيرِه، فلا شىءَ عليها؛ لأنَّها خَرَجَتْ بإذْنِ الشَّرْعِ. ومتى طَهُرَتْ رَجَعَتْ إلى المسجدِ، فقَضَتْ وبَنَتْ، ولا كَفَّارَةَ عليها. لا نَعْلَمُ فيه خِلافًا، لأنَّه خُرُوجٌ لِعُذْرٍ مُعْتادٍ، أشْبَهَ الخُرُوجَ لِقَضاءِ الحاجةِ، وقَوْلُ إبراهيمَ تَحَكُّمٌ لا دَلِيلَ عليه.

فصل: فأمَّا الاسْتِحاضَةُ فلا تَمْنَعُ الاعْتِكافَ؛ لأنَّها لا تَمْنَعُ الصلاةَ ولا الطَّوَافَ، وقد قالت عائشةُ: اعْتَكَفَتْ مع رسولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- امْرَأَةٌ من أزْواجِه مُسْتَحَاضَة، فكانت تَرَى الحُمْرَةَ والصُّفْرَة، وَرُبَّمَا وَضَعْنَا الطَّسْتَ تَحْتَها وهى تُصَلِّى. أخْرَجَهُ البُخارِىُّ (٤). إذا ثَبَتَ هذا فإنَّها تَتَحَفَّظُ وتَتَلَجَّمُ، لئلَّا تُلَوِّثَ المسجدَ، فإن لم يُمْكِنْ صِيانَتُه منها خَرَجَتْ من المسجدِ؛ لأنَّه عُذْرٌ وخُرُوجٌ لِحِفْظِ المسجدِ من نَجاسَتِها، فأشْبَهَ الخُرُوجَ لِقضاءِ حاجَةِ الإنْسانِ.

فصل: الخُرُوجُ المُباحُ فى الاعْتِكافِ الوَاجِبِ يَنْقَسِمُ أرْبَعَةَ أقْسامٍ: أحدُها، ما لا يُوجِبُ قَضاءً ولا كَفَّارَةً، وهو الخُرُوجُ لِحاجَةِ الإنْسانِ، وشِبْهُه ممَّا لا بُدَّ منه. والثانى، ما يُوجِبُ قَضاءً بلا كَفَّارَةٍ، وهو الخُرُوجُ لِلْحَيْضِ. والثالث، ما يُوجِبُ قَضاءً وكَفَّارَةً، وهو الخُرُوجُ لِفِتْنَةٍ، وشِبْهُهُ ممَّا يخْرُج لِحاجَةِ نَفْسِهِ. والرابع، ما يُوجِبُ قَضاءً وفى الكَفَّارَةِ وَجْهانِ، وهو الخُرُوجُ لواجِبٍ (٥)، كالخُرُوجِ فى النَّفِيرِ، أو العِدَّةِ. ففى قولِ القاضى، لا كَفَّارَةَ عليه؛ لأنَّه واجِبٌ لِحَقِّ اللهِ تعالى، أشْبَهَ الخُرُوجَ لِلْحَيْضِ. وظَاهِرُ كلامِ الخِرَقِىِّ وُجُوبُها؛ لأنَّه خُرُوجٌ غَيْرُ مُعْتَادٍ، فأوْجَبَ الكَفَّارَةَ كالخُرُوجِ لِفِتْنَةٍ.

٥٣٧ - مسألة؛ قال: (ومَنْ نَذَرَ أنْ يَعْتَكِفَ شَهْرًا بعَيْنِه، دَخَلَ المَسْجدَ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ)

وهذا قولُ مالِكٍ، والشَّافِعِىِّ. وحَكَى ابنُ أبى موسى عن أحمدَ رِوَايَةً أُخْرَى، أنَّه


(٤) تقدم تخريجه فى ١/ ٢٠١.
(٥) فى ب، م: "الواجب".

<<  <  ج: ص:  >  >>