للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِه، فأمَّا على القولِ الآخَرِ، فله التَّكْفيرُ به (٥) ههنا بطريقِ الأوْلَى؛ لأنَّه إذا جازَ له فى حالِ رِقِّه التَّكْفيرُ بالمالِ، ففى حالِ حُرِّيَّتِه أوْلَى، وإنما احْتاجَ إلى إذْنِ سَيِّدِه فى حالِ رِقِّه؛ لأنَّ المالَ لسَيِّدِه، أو لتَعَلُّق حَقِّه بمالِه، وبعدَ الحُرِّيَّةِ قد زالَ ذلك، فلا حاجَةَ إلى إذْنِه. وإِنْ قُلْنا: التَّكْفيرُ بأغلَظِ الأَحْوالِ. لم يكُنْ له التَّكْفيرُ بغيرِ المالِ إِنْ كان مُوسِرًا. وإِنْ حَلَفَ عَبْدٌ، وحَنِثَ وهو حُرٌّ، فحُكْمُه حكمُ الأحْرارِ؛ لأنَّ الكَفَّارَةَ لا تَجِبُ قبلَ الحِنْثِ، فما وَجَبَتْ إِلَّا وهو حُرٌّ.

فصل: مَنْ نِصْفُه حُرٌّ، حُكْمُه فى التَّكْفيرِ حُكْمُ الحُرِّ الكامِلِ، فإذا مَلَكَ بجُزْئِهِ الحُرِّ مالًا يُكَفِّرُ به، لم يَجُزْ له الصِّيامُ، وله التَّكْفيرُ بأحَدِ الأمورِ الثلاثَةِ. وظاهِرُ مذهبِ الشافِعِىِّ، أَنَّ له التَّكفيرَ بالإِطْعامِ والكِسْوةِ دونَ الإِعْتاقِ؛ لأنَّه لا يثْبُتُ له الوَلاءُ. ومنهم من قال: لا يُجْزِئُه إلَّا الصيامُ؛ لأنَّه مَنْقُوصٌ بالرِّقِّ، أشْبَهَ الْقِنَّ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ} (٦). وهذا واجِدٌ؛ لأنَّه يَمْلِكُ مِلْكًا تَامًّا، فأشْبَهَ الحُرَّ الكامِلَ، ولا نُسَلِّمُ أنَّه لا يثْبُتُ له الوَلاءُ، ثم إِنَّ امْتِناعَ بعض أحْكامِه، لا يَمْنَعُ صِحَّتَه، كعِتْقِ المُسْلمِ رَقِيقَه الكافِرَ.

١٨٢١ - مسألة؛ قال: (ويُكَفِّرُ بِالصَّوْمِ مَنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ قُوتِهِ وقُوتِ عِيَالِهِ، يَوْمَهُ ولَيلَتَهُ، مِقْدارُ مَا يُكَفِّرُ بِهِ)

وجملةُ ذلك، أَنَّ كَفَّارَةَ اليَمِينِ تجْمَعُ تخْيِيرًا وَتَرْتِيبًا، فيتخَيَّرُ بينَ الخِصالِ الثَّلاثِ، فإنْ لم يَجِدْها انتقَلَ إلى صيامِ ثلَاثةِ أيامٍ، ويُعْتَبَرُ أَنْ لا يَجِدَ (١) فاضِلًا عن قُوتِه وقُوتِ عِيالِه، يومَه وليلَتَه، قَدْرًا يُكَفِّرُ به. وهذا قولُ إسْحقَ. ونحوَه قال أبو عُبَيْدٍ، وابْنُ المُنْذِرِ. وقال الشافِعِىُّ: مَنْ جازَ له الأخْذُ من الزَّكاةِ لحاجَتِه وفَقْرِه، أجْزَأَهُ الصِّيامُ؛ لأنَّه فقيرٌ. وعن (٢) النَّخَعِىِّ (٣): إذا كان مالِكًا لعشرين دِرْهمًا، فله الصِّيامُ. وقال عَطاءٌ


(٥) سقط من: م.
(٦) سورة المائدة ٨٩.
(١) فى ب: "يجدها".
(٢) فى م: "ولأن".
(٣) فى م زيادة: "قال".

<<  <  ج: ص:  >  >>