للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال ابنُ عمرَ: كُنَّا نَتَحَيَّنُ إذا زَالَتِ الشمسُ رَمَيْنَا. وأىَّ وَقْتٍ رَمَى بعدَ الزَّوَالِ أجْزَأَهُ، إلَّا أنَّ المُسْتَحَبَّ المُبَادَرَةُ إليها حِينَ الزَّوالِ، كما قال ابنُ عمرَ. وقال ابنُ عَبَّاسٍ: إنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يَرْمِى الجِمارَ إذا زَالَتِ الشمسُ، قَدْرَ ما إذا فَرَغَ من رَمْيِه صَلَّى الظهرَ. رَوَاهُ ابنُ مَاجَه (١٧).

فصل: والتَّرْتِيبُ فى هذه الجَمَرَاتِ وَاجِبٌ، على ما ذَكَرْنَا. فإن نَكَّسَ فبَدَأ بِجَمْرَةِ العَقَبَةِ، ثم (١٨) الثانيةِ، ثم الأُولَى، أو بَدَأ (١٨) بِالوُسْطَى، ورَمَى الثَّلَاثَ، لم يُجْزِهِ إلَّا الأُولَى، وأعَادَ الوُسْطَى والقُصْوَى. نَصَّ عليه أحمدُ. وإن رَمَى القُصْوَى، ثم الأُولَى، ثم الوُسْطَى، أعَادَ القُصْوَى وَحْدَها. وبهذا قال مَالِكٌ، والشَّافِعِىُّ. وقال الحسنُ، وعَطاءٌ: لا يَجِبُ التَّرْتِيبُ. وهو قَوْلُ أبى حنيفةَ؛ فإنَّه قال: إذا رَمَى مُنَكِّسًا يُعِيدُ، فإن لم يَفْعَلْ (١٩) أجْزَأَهُ. وَاحْتَجَّ بَعْضُهُم بما رُوِىَ عن النَّبِىِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، أنَّه قال: "مَنْ قَدَّمَ نُسُكًا بَيْنَ يَدَىْ نُسُكٍ، فَلَا حَرَجَ" (٢٠). ولأنَّها مَناسِكُ مُتَكَرِّرَةٌ، فى أمْكِنَةٍ مُتَفَرِّقَةٍ، فى وَقْتٍ وَاحِدٍ، ليس بَعْضُها تَابِعًا لِبَعْضٍ، فلم يُشْتَرَط التَّرْتِيبُ فيها، كالرَّمْىِ والذَّبْحِ. ولَنا، أنَّ النَّبِىَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- رَتَّبَها فى الرَّمْىِ، وقال: "خُذُوا عَنِّى مَنَاسِكَكُمْ" (٢١). ولأنَّه نُسُكٌ مُتَكَرِّرٌ، فاشْتُرِطَ التَّرْتِيبُ فيه، كالسَّعْىِ. وحَدِيثُهم إنَّما جاءَ فى مَن يُقَدِّمُ نُسُكًا على نُسُكٍ، لا فى [مَن يُقدِّمُ] (٢٢) بعض النُّسُكِ على بعضٍ. وقِيَاسُهم يَبْطُلُ بِالطَّوَافِ والسَّعْىِ.


(١٧) فى: باب رمى الجمار أيام التشريق، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠١٤. كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الرمى بعد زوال الشمس، من أبواب الحج. عارضة الأحوذى ٤/ ١٣٣.
(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) فى أ، ب، م: "يفعله".
(٢٠) أخرجه البيهقى فى: باب التقديم والتأخير فى عمل يوم النحر، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٤٤.
(٢١) تقدم تخريجه، فى: صفحة ٢٣٠.
(٢٢) فى أ، ب، م: "تقديم".

<<  <  ج: ص:  >  >>