للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في بَيْعِها [وحِفْظِ ثَمَنِها] (١٨)، أو لم يكُنْ له حِمًى، باعَها بعدَ أن يَحْلِيَها، ويَحْفَظَ صِفَاتِها، ويَحْفَظُ ثَمَنَها لِصَاحِبِها، فإنَّ ذلك أحْفَظُ لها؛ لأنَّ ترْكَها يُفْضِى إلى أن تأْكُلَ جَمِيعَ ثَمَنِها.

فصل: ومَنْ تَرَكَ دَابَّةً بمَهْلَكَةٍ، فأخَذَها إنْسانٌ، فأطْعَمَها وسَقَاها وخَلَّصَها، مَلَكَها. وبه قال اللَّيْثُ، والحَسَنُ بن صالحٍ، وإسحاقُ. إلَّا أن يكونَ تَرَكَها لِيَرْجِعَ إليها، أو ضَلَّتْ منه. وقال مالِكٌ: هي لِمالِكِها الأَوَّل، ويَغْرَمُ ما أنْفَقَ عليها. وقال الشافِعِيُّ، وابنُ المُنْذِرِ: هي لمالِكِها، والآخَرُ مُتَبَرِّعٌ بالنَّفَقَةِ، لا يَرْجِعُ بشيءٍ؛ لأنَّه مِلْكُ غيرِه، فلم يَمْلِكْه بغيرِ عِوَضٍ من غيرِ رِضَاه، [كما لو كانتْ في غيرِ مَهْلَكَةٍ، ولا يَمْلِكُ الرُّجُوعَ؛ لأنَّه أنْفَقَ على مالِ غيرِه بغيرِ إذْنِه، فلم يَرْجِعْ بشيءٍ، كما لو بَنَى دَارَه] (١٨). ولَنا، ما رَوَى الشَّعبِىُّ، أنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "مَنْ وَجَدَ دَابّةً قَدْ عَجَزَ عنها أهْلُها، فَسَيَّبُوهَا، فأخَذَها، فأحْيَاهَا، فَهِىَ لَهُ". قال [عُبَيْد اللَّه بن حُمَيْد بن] (١٩) عبد الرحمنِ: فقلت - يَعْنِى لِلشَّعْبِيِّ -: مَنْ حَدَّثَكَ بهذا؟ قال: غيرُ واحدٍ من أصْحابِ رسولِ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم-. رَوَاه أبو دَاوُدَ بإسْنَادِه (٢٠). وفى لَفْظٍ عن الشَّعْبِيِّ، عن النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنَّه قال: "مَنْ تَرَكَ دَابّةً بمَهْلَكَةٍ، فَأحْياهَا رَجُلٌ، فَهِىَ لِمَنْ أحْياهَا". ولأنّ في الحُكْمِ بمِلْكِها إحْياءَها وإنْقَاذَها من الهَلَاكِ، وحِفْظًا للمالِ عن الضَّيَاعِ، ومُحَافَظَةً على حُرْمَةِ الحَيَوانِ، وفى القول بأنها لا تُمْلَكُ تَضْيِيعٌ لذلك كلِّه، من غيرِ مَصْلَحةٍ تَحْصُلُ، ولأنَّه نُبِذَ رَغْبةً عنه وعَجْزًا عن أخْذِه،


(١٨) سقط من: الأصل.
(١٩) سقط من: م، وفى الأصل، أ: "عبد بن حميد بن". والمثبت في سنن أبي داود. وانظر: تهذيب التهذيب ٧/ ٩.
(٢٠) في: باب في من أحيا حسيرا، من كتاب البيوع. سنن أبي داود ٢/ ٢٥٨.
كما أخرجه البيهقي، في: باب الرجل يجد ضالة يريد ردها، من كتاب اللقطة. السنن الكبرى ٦/ ١٩٨. والدارقطني، في: كتاب البيوع. سنن الدارقطني ٣/ ٦٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>