للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال: سمِعْتُ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- يقول: "لَا نَفَلَ إلَّا بَعْدَ الْخُمْسِ". روَاه أبو داودَ (٤٠)، وابنُ عبدِ البَرِّ. وهذا صريحٌ. وحديثُ حَبِيبِ بن مَسْلَمة، أنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- كان يُنَفِّلُ الرُّبعَ بعدَ الخُمْسِ، والثُّلثَ بعدَ الخُمْسِ. وحديثُ جَرِيرٍ حينَ قال له عمرُ: ولكَ الثُّلثُ بعْد الخُمْسِ. ولأنَّ النَّبِىَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- نفَّلَ الثُّلثَ، ولا يُتَصَوَّرُ إخْراجُه من الخُمْسِ. ولأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} (٤١). يقْتَضِى أَنْ يكونَ الخُمْسُ خارِجًا من الغَنِيمَةِ كلِّها. وأمَّا حديثُ ابنِ عمرَ، فقد روَاه شُعَيْبٌ، عن نافِع، عن ابنِ عمرَ، قال: بعَثَنا رسولُ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- في جيشٍ قِبَلَ نَجْد، وابْتَعَثْتُ (٤٢) سَرِيَّةً من الجيشِ، فكان سُهْمانُ الجيشِ اثْنَى عَشَرَ بعيرًا، ونفَلُ أهلِ السَّرِيَّةِ بعيرًا بعيرًا، فكانَت سُهْمانُهم ثلاثةَ عَشَرَ بعيرًا. فهذا يُمْكِنُ أنْ يكونَ نَفَّلهم من أربعةِ أخْماسِ الغَنِيمةِ دونَ بَقِيَّةِ الجَيْشِ، كما تُنَفَّلُ السَّرايَا. ويَتعيَّنُ حَمْلُ الخَبَرِ على هذا؛ لأنَّه لو أعْطَى جميعَ الجيشِ، لم يكُنْ ذلك نَفَلًا، وكان قد قسَم لهم أكثرَ من أرْبَعةِ الأخْماسِ، وهو خلافُ الآيَةِ والأخْبارِ.

فصل: وكلامُ أحمد في أنَّ النَّفَلَ من أربعةِ الأخْماسِ عامٌّ؛ لعمومِ الخَبَرِ فيه، ويَحْتَمِلُ أنْ يُحْمَلَ على القِسْمَيْن الأوَّلَيْن من النَّفَلِ، فأمَّا القِسْمُ الثالِثُ، وهو أنْ يقولَ: مَنْ جاءَ بشيءٍ فلَهُ كذا، أو: مَنْ جاءَ بعشرةِ رُءوسٍ فله رأسٌ منها. فيَحْتَمِلُ أنْ يسْتَحِقَّ ذلك من الغنيمَةِ كلِّها؛ لأنَّه يُنَزَّلُ بمنزِلَةِ (٤٣) الجُعْلِ، فَأشْبَهَ السَّلَبَ، فإنَّه غيرُ مَخْموسٍ. ويَحْتَمِلُ في القسم الثاني، وهو زيادَةُ بعْضِ الغانمين على سَهْمِه لِغنَائِه، أنْ يكونَ من خُمْسِ الخُمْسِ المُعَدِّ للمَصالِحِ؛ لأنَّ عَطِيَّةَ هذا من المصالحِ. والمذهَبُ المنْصوصُ (٤٤)


(٤٠) في: باب في النفل من الذهب والفضة ومن أول مغنم، من كتاب الجهاد. سنن أبي داود ٢/ ٧٤.
كما أخرجه الإِمام أحمد، في: المسند ٣/ ٤٧٠.
(٤١) سورة الأنفال ٤١.
(٤٢) في أ، م: "وابتعث".
(٤٣) في أ: "منزلة".
(٤٤) في م: "والمنصوص".

<<  <  ج: ص:  >  >>