للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويَبْعُدُ أن يَتَّفِقَ إسلامُهما دَفْعةً واحدةً، ويفارِقُ ما قبلَ الدُّخولِ، فإنَّه لا عِدَّةَ لها فتُتَعَجَّلُ البَيْنُونةُ (٢٤)، كالمُطَلَّقةِ واحدةً، وههنا لها عِدَّةٌ، فإذا انقضتْ، تَبَيَّنَّا وُقُوعَ الفُرْقةِ من حينَ أسْلَمَ الأوَّلُ، فلا يُحْتاجُ إلى عِدَّةٍ ثانيةٍ؛ لأنَّ اخْتلافَ الدِّينِ سَبَبُ الفُرْقةِ، فتُحْتَسَبُ الفُرْقةُ منه كالطَّلَاقِ.

الفصل الخامس: أنَّه إذا أسْلَم أحدُ الزَّوْجَيْنِ. وتَخَلَّفَ الآخَرُ حتى انْقَضَتْ عِدَّةُ المرأةِ، انْفَسَخَ النِّكاحُ. فى قولِ عامَّةِ العلماءِ. قال ابنُ عبدِ البَرِّ: لم يَختَلِف العلماءُ فى هذا، إلّا شىءٌ رُوِىَ عن النَّخَعِىِّ، شَذَّ فيه عن جماعةِ العلماءِ، فلم (٢٥) يَتْبَعْهُ عليه أحدٌ، زَعَمَ أنَّها تُرَدُّ إلى زَوْجِها، وإن طالتِ المدةُ؛ لما رَوَى ابنُ عباسٍ أَنَّ رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- رَدَّ زَيْنَبَ على زَوْجِها أبى العاصِ بنِكاحِها الأَوَّلِ. روَاه أبو داودَ (٢٦). واحْتَجَّ به أحمدُ. قيل له: أليس يُرْوَى أنَّه رَدَّها بنكاحٍ مُسْتَأْنَفٍ؟ قال: ليس لذلك (٢٧) أصْلٌ. وقيل: كان بين إسْلامِها ورَدِّها إليه ثمانِ سِنِينَ. ولَنا، قولُ اللَّه تعالى: {لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} (٢٨). وقولُه سبحانه: {وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ}. والإجماعُ المُنْعَقِدُ على تحريمِ فُرُوجِ (٢٩) المسلماتِ على الكُفّارِ. فأمَّا قِصَّةُ أبى العاص مع امرأتِه، فقال ابنُ عبد البرِّ: لا يَخْلُو. من أن تكونَ قبلَ نُزُولِ تَحْريمِ المسلماتِ على الكفارِ، فتكونَ مَنْسُوخةً بما جاء بعدَها، أو تكونَ حامِلًا اسْتَمَرَّ حَمْلُها (٣٠) حتى أسْلَم زَوْجُها، أو


(٢٤) فى ب: "الفرقة".
(٢٥) فى الأصل: "ولم".
(٢٦) فى: باب إلى متى ترد عليه امرأته إذا أسلم بعدها، من كتاب الطلاق. سنن أبى داود ١/ ٥١٩.
كما أخرجه الترمذى، فى: باب ما جاء فى الزوجين المشركين. . .، من أبواب النكاح. عارضة الأحوذى ٥/ ٨٢. وابن ماجه، فى: باب الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر، من كتاب النكاح. سنن ابن ماجه ١/ ٦٤٧.
(٢٧) فى م: "له".
(٢٨) سورة الممتحنة ١٠.
(٢٩) فى الأصل، م: "تزوج".
(٣٠) فى م: "حكمها".

<<  <  ج: ص:  >  >>