للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تَعْيِينِ المُسْتَثْنَى إليه، لأنَّ الحُكْمَ يَتَعَلَّقُ بقَوْلِه، وهو أعْلَمُ بمُرَادِه به. وإن عَيَّنَ مَن عَدَا المُسْتَثْنَى، صَحَّ، وكان الباقِى له. فإن هَلَكَ العَبِيدُ إلَّا واحِدًا، فذَكَرَ أنَّه المُسْتَثْنَى، قُبِلَ. ذَكَرَهُ القاضي. وهو أحَدُ الوَجْهَيْنِ لأصْحابِ الشّافِعِىِّ. وقال أبو الخَطَّابِ: لا يُقْبَلُ، في أحَدِ الوَجْهَيْنِ. وهو الوَجْهُ الثانِى لأَصْحَابِ الشّافِعِىِّ؛ لأنَّه يُرْفَعُ به الإِقْرَارُ كلُّه. والصَّحِيحُ أنَّه يُقْبَلُ؛ لأنَّه يُقْبَلُ تَفْسِيرُه به (٢٣) في حَياتِهم لِمَعْنًى هو مَوْجُودٌ بعد مَوْتِهِم، فَقُبِلَ كحَالَةِ حَيَاتِهِم، وليس هذا رَفْعًا لِلإِقْرَارِ، وإنما تَعَذَّرَ تَسْلِيمُ المُقَرِّ به لِتَلَفِه، لا لِمَعْنًى يَرْجِعُ إلى التَّفْسِيرِ، فأشْبَه ما لو عَيَّنَهُ في حَيَاتِهِم، فتَلِفَ بعد تَعْيِينِه. وإن قُتِلَ الجَمِيعُ إلَّا واحِدًا، قُبِلَ تَفْسِيرُه بالباقِى، وَجْهًا واحِدًا. وإن قُتِلَ الجَمِيعُ، فله قِيمَةُ أحَدِهم، ويُرْجَعُ في التَّفْسِيرِ إليه. وإن قال: غَصَبْتُكَ هؤلاءِ العَبِيدَ إلَّا واحِدًا. فهَلَكُوا إلَّا واحِدًا، قُبِلَ تَفْسِيرُه به، وَجْهًا واحِدًا؛ لأنَّ المُقَرَّ له يَسْتَحقُّ قِيمَةَ الهالِكِينَ، فلا يُفْضِى التَّفْسِيرُ بالباقِى إفى سُقُوطِ الإِقْرَارِ، بِخِلافِ التي قبلَها.

فصل: وحُكْمُ الاسْتِثْناءِ بسائِرِ أدَوَاتِه حُكْمُ الاسْتِثْناءِ بإلَّا، فإذا قال: له علَىَّ عَشَرَةٌ سِوَى دِرْهَمٍ، أو ليس دِرْهَمًا، أو خَلَا دِرْهَمًا، أو عَدَا دِرْهَمًا، أو ما خَلَا أو ما عَدَا دِرْهَمًا، أو لا يكونُ دِرْهَمًا (٢٤) أو غيرَ دِرْهَمٍ. بِفَتْحِ الرَّاءِ، كان مُقِرًّا بتِسْعَةٍ. وإن قال: غيرُ دِرْهَمٍ، بضَمِّ رائها، وهو من أهل العَرَبِيَّة، كان مُقِرًّا بعَشرَةٍ، لأنَّها تكونُ صِفَةً لِلْعَشَرَةِ المُقِرِّ بها، ولا يكونُ اسْتِثْناءً، فإنَّها لو كانت اسْتِثْناءً كانت مَنْصُوبةً، وإن لم يكُنْ من أهْلِ العَرَبِيَّةِ، لَزِمَهُ تِسْعَةٌ؛ لأنَّ الظَّاهِرَ أنَّه إنما يُرِيدُ الاسْتِثْنَاءَ، لكنَّه رَفَعَها جَهْلًا منه بالعَرَبِيَّةِ، لا قَصْدًا لِلصِّفَةِ.

فصل: ولا يَصِحُّ الاسْتِثْناءُ إلَّا أن يكونَ مُتَّصِلًا بالكَلَامِ، فإن سَكَتَ سُكُوتًا يُمْكنُه


(٢٣) سقط من: الأصل.
(٢٤) في الأصل، م: "درهم".

<<  <  ج: ص:  >  >>