للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنَّ الأصْلَ عَدَمُ وجُوبِه، ولم يَرِدِ الشَّرْعُ به إلَّا في نجاسةِ الوُلُوغِ.

وإن قُلْنا بوجُوبِ السَّبْع، ففى وجُوبِ التُّرابِ وَجْهان: أحدهما، يجبُ؛ قياسًا علَى الوُلوغ. والثانى، لا يجبُ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أَمَر بالغَسْلِ للدَّم وغيرِه، ولم يأمُرْ بالتراب إلَّا في نجاسةِ الوُلُوغِ، فوجَب أن يُقْتَصَرَ عليه، ولأنَّ الترابَ إن أُمِرَ به تَعَبُّدًا وجَب قَصْرُه على مَحَلِّه، وإن أُمِر به لِمَعْنىً في الوُلُوغِ لِلزُوجَةٍ فيه لا تَنْقَلِعُ إلَّا بالتُّرابِ، فلا يُوجَدُ ذلك في غيرِه.

والْمُسْتَحَبُّ أن يَجْعلَ الترابَ في الغَسْلةِ الأُولَى؛ لموافقتِه لَفْظَ الخَبَر، وليأْتِىَ الماءُ عليه بعدَه فُينَظِّفَه، ومتى غَسَلَ به أجْزَأَه؛ لأنه رُوِى في حديثٍ: "إحْدَاهُنَّ بالتُّرابِ". وفي حديثٍ: "أُولَاهُنَّ". وفي حديث: "فِي الثَّامِنَةِ". فيدُلُّ علَى أنَّ مَحَلَّ الترابِ مِن الغَسَلاتِ غيرُ مَقْصُودٍ.

فصل: إذا أصاب الْمَحَلَّ نجاساتٌ متساويةٌ في الحُكْمِ فهى كنجاسةٍ واحدة، وإن كان بعضُها أغْلَظُ، كالوُلُوغِ مع غيرِه، فالحكمُ لأغْلَظِها، ويدخلُ فيه ما دونَه.

ولو غَسل الإِناءَ دون السَّبْعِ، ثم وَلَغَ فيه مَرَّةً أخرى، فغسَله سَبْعًا، أجْزَأَ؛ لأنه إذا أجْزَأَ عمَّا يُماثِلُ فَعَمَّا دونَه أوْلَى.

فصل: وإذا غسَل مَحَلَّ الوُلوغِ (١٩) فأصاب ماءُ بعضِ الغَسَلاتِ مَحَلًّا آخَرَ، قبلَ تَمامِ السَّبْعِ، ففيه وَجْهان:

أحدهما، يجب غَسْلُه سَبْعًا، وهو ظاهرُ كلامِ الخِرَقِىِّ، واخْتيارُ ابن حامدٍ، لأنها نجاسةٌ، فلا يُراعَى فيها حكمُ الْمَحلِّ الذي انفصلتْ عنه، كنجاسةِ الأرضِ ومَحَلِّ الِاسْتِنْجاء. وظاهرُ قَوْلِ الخِرَقِىِّ أنه يجبُ غَسْلُها بالتُّراب، وإن كان الْمَحلُّ الذي انفصلتْ عنه قد غُسِلَ بالترابِ؛ لأنها نجاسةٌ أصابتْ غيرَ الأرضِ، فأَشْبَهتِ الأُولَى.

والثانى، يجب غَسْلُه مِن الأُولَى سِتًّا، ومن الثانية خَمْسًا، ومن الثالثة أرْبعًا،


(١٩) في م: "النجاسة".

<<  <  ج: ص:  >  >>