للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركبتْ رِدْفَ النبيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، علَى ناقتِه، فلما نزلَتْ إذا علَى حَقِيبَتِهِ شيءٌ مِن دَمِها، فأمرَها النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم- أن تَجْعَلَ في الماء مِلْحًا، ثم تَغْسِل به الدَّمَ. روَاه أبو داود (١٣)، ولم يأْمُرْها بعَدَدٍ، وأمَرَ النبيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-، أنْ يُصَبَّ علَى بَوْلِ الأعْرابىِّ سَجْلٌ مِنْ مَاءٍ. مُتَّفَقٌ عليه (١٤)، ولم يأْمُرْ بالعدد (١٥)، ولأنها نجاسةُ غيرِ الكلب، فلم يجبْ فيها العَدَدُ، [كنجاسة الأرضِ] (١٦).

ورُوِىَ أنَّ العدَدَ لا يُعْتَبَرُ في غيرِ مَحَلِّ الاسْتِنْجاء من البَدَنِ، ويُعْتَبرُ في مَحَلِّ الِاسْتنْجاء وبقيَّة المحَالِّ. قال الخَلَّال: هذه الرِّوايةُ وَهمٌ. ولم يُثْبِتْها.

فإذا قُلْنا بوجُوب العَدَدِ، ففى قَدْرِه رِوَايتان: إحداهما، سَبْعٌ؛ لِمَا قَدَّمْنا. والثانية، ثلاثٌ؛ لأنَّ النبيَّ -صلى اللَّه عليه وسلم- قال: "إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلَا يَغْمِسْ يَدَهُ فِي الإِنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلَاثًا؛ فإنَّهُ لَا يَدْرِى أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ". مُتَّفَقٌ عليه (١٧)، [إلَّا قَوْلهُ "ثلاثا" انْفَرد به مُسْلمٌ] (١٨). أمَر بغَسْلِها ثلاثا؛ ليرْتَفِعَ وهمُ النَّجاسةِ، ولا يَرْفَعُ وَهْمَ النجاسةِ إلَّا ما يَرْفَعُ حَقِيقَتَها. وقد رُوِىَ أن النجاسةَ في مَحَلِّ الِاسْتِنْجاءِ تَطْهُرُ بثَلاثٍ، وفى غيرهِ تَطهُر بسَبْعٍ؛ لأنَّ مَحَلَّ الاسْتِنْجاءِ تتَكَرَّرُ فيه النجاسةُ، فاقْتَضَى ذلك التَّخْفِيفَ، وقد اجْتُزِئَ فيها بثلاثةِ أحْجارٍ، مع أنَّ الماءَ أبْلَغُ في الإِزالةِ، فأوْلَى أن يجْتَزئَ فيها بثلاثِ غَسَلاتٍ.

قال القاضي: الظاهِرُ مِن قَوْلِ أحمدَ ما اخْتارَ الْخِرَقِىُّ، وهو وُجوبُ العَدَدِ في جميعِ النَّجاسات.

فإن قُلْنا: لا يجبُ العَدَدُ لم يجِبِ التُّرابُ، وكذلك إن قلنا: لا يجبُ الغَسْلُ سَبْعًا؛


(١٣) في: باب الاغتسال من الحيض، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٧٤، ٧٥
كما رواه الإمام أحمد، في: المسند ٦/ ٣٨٠.
(١٤) تقدم في صفحة ١٧، ١٨.
(١٥) في أ: "بعدد".
(١٦) سقط من: م.
(١٧) تقدم في صفحة ٤٠.
(١٨) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>