للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَحْبِسُكِ حَيضَتُكِ، ثُمَّ اغْتَسِلِى، وصَلَّى". رَوَاهُ مُسْلِمٌ (٥). ورَوَى عَدِىُّ بنُ ثابِتٍ عن أبيه، عن جَدِّه، عن النَّبِىِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- (٦) فِي المُسْتَحَاضةِ: "تَدَعُ الصَّلَاةَ أيَّامَ أقْرائِها، ثُمَّ تَغْتَسِلُ، وتَصُومُ، وتُصَلِّى، وتَتَوَضَّأُ عِنْدَ كُلِّ صَلَاةٍ". أخْرَجَه أبو داوُد والتِّرْمِذِىُّ (٧). ولا حُجَّةَ له في الحديثِ على تَرْكِ العادة في (٨) حَقِّ مَنْ لا تَمْيِيزَ لها.

فصل: ولا يَخْتَلِفُ المذهبُ في (٨) أنَّ العادةَ لا تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ، وظاهِرُ مذهبِ الشَّافِعِيِّ أنَّها تَثْبُتُ بِمَرَّةٍ. وقال بعضُهُم: تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْن؛ لأنَّ المَرْأَةَ (٩) التي اسْتَفْتَتْ لها أمُّ سَلَمَة رَسُولَ اللهِ -صلى اللَّه عليه وسلم- رَدَّهَا إلَى الشَّهْرِ الذِى يَلِى شَهْرَ الاسْتِحاضةِ، ولِأنَّ ذلِك أقْرَبُ إليها، فوَجَبَ رَدُّها إليه. ولَنا، أنَّ العادةَ مَأْخُوذَةٌ مِنَ المُعاوَدَةِ، ولا تَحْصُلُ المُعَاوَدَةُ بِمَرَّةٍ واحِدةٍ، والحَدِيثُ حُجَّةٌ لنا؛ لأنَّه قال: "لِتَنْظُرْ عِدَّةَ اللَّيَالِى والأيامِ الَّتِى (١٠) كَانَتْ (١١) تَحِيضُهُنَّ مِنَ الشَّهْرِ قَبْلَ أنْ يُصِيبهَا الَّذِى أَصَابَها". و"كان" يُخْبَرُ بها عن دَوَامِ الفِعْلِ وتَكْرَارِه، ولا يَحْصُلُ ذلك بِمَرَّةٍ، ولا يُقَالُ لِمَنْ فَعَلَ شَيْئًا مَرَّةً: كان يَفْعَل. وفى الحَدِيثِ الآخَرِ: "تَدَعُ الصَّلَاةَ أيَّامَ أقْرَائِها". والأقْرَاءُ جَمْعٌ، وأقَلُّه ثلاثَةٌ، وسَائِرُ الأحاديثِ الدَّالَّة على العادةِ تَدُلُّ على هذا، ولا نَفْهَمُ مِن اسْمِ العادةِ فِعْلَ مَرَّةٍ بِحَالٍ. واخْتَلَفَتِ الرِّوَايَةُ: هل تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْن أو ثلاث؟ فعنهُ أنَّها تَثْبُتُ بِمَرَّتَيْن؛ لأنَّها مَأْخُوذَةٌ مِن المُعَاوَدَةِ، وقد عَاوَدَتْهَا في المَرَّةِ الثَّانِيَةِ. وعنه لا تَثْبُتُ إلَّا بثلاث؛ لِظاهِرِ الأحاديثِ، ولأنَّ


(٥) تقدم في صفحة ٣٨٨.
(٦) في م زيادة: "قال".
(٧) أخرجه أبو داود، في: باب في المرأة تستحاض ومن قال. . . إلخ، وفى: باب من قال تغتسل من طهر إلى طهر، من كتاب الطهارة. سنن أبي داود ١/ ٦٤، ٧٠. والترمذي، في: باب ما جاء في أن المستحاضة تتوضأ لكل صلاة، من أبواب الطهارة. عارضة الأحوذى ١/ ١٩٩. كما أخرجه ابن ماجه، في: باب ما جاء في المستحاضة التي قد عدت أيام أقرائها قبل أن يستمر بها الدم، من كتاب الطهارة. سنن ابن ماجه ١/ ٢٠٤.
(٨) سقط من: م.
(٩) في م زيادة: "الأولى" خطأ.
(١٠) في الأصل: "اللاتى".
(١١) سقط من: م.

<<  <  ج: ص:  >  >>