للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرَّقَبَةِ والمَنْفَعَةِ، فأزَالَ المِلْكَ، كالعِتْقِ، ولأنَّه لو كان مِلْكَه لَرَجَعَتْ إليه قِيمَتُه، كالمِلْكِ المُطْلَقِ، وأمَّا الخَبَرُ، فالمُرَادُ به أن يكونَ مَحْبُوسًا، لا يُبَاعُ ولا يُوهَبُ ولا يُورَثُ. وفائِدَةُ الخِلَافِ أنَّا إذا حَكَمْنا بِبَقَاءِ مِلْكِه، لَزِمَتْه مُرَاعَاتُه، والخُصُومَةُ فيه. ويَحْتَمِلُ أن يَلْزَمَهُ أرْشُ جِنَايَتِه، كما يَفْدِى أُمَّ الوَلَدِ سَيِّدُها لَمَّا تَعَذَّرَ تَسْلِيمُه، بخِلَافِ غيرِ المالِكِ.

الفصل الثاني: أنَّ ظاهِرَ هذا الكَلَامِ، أنَّه يَزُولُ المِلْكُ، ويَلْزَمُ الوَقْفُ بمُجَرَّدِ اللَّفْظِ؛ لأنَّ الوَقْفَ يَحْصُلُ به. وعن أحمدَ، رَحِمَه اللَّه، رِوَايةٌ أخْرَى، لا يلْزَمُ إلَّا بالقَبْضِ، وإخْرَاجِ الواقِفِ له عن يَدِه. وقال: الوَقْفُ المَعْرُوفُ أن يُخْرِجَه من يَدِه إلى غيرِهِ، ويُوَكِّلَ فيه مَن يَقُومُ به. اخْتَارَه ابنُ أبي موسى، وهو قولُ محمدِ بن الحَسَنِ؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ بمالٍ لم يُخْرِجْهُ عن المالِيَّةِ، فلم يَلْزَمْ بمُجَرَّدِه، كالهِبَةِ والوَصِيَّةِ. ولَنا، ما رَوَيْناه من حَدِيثِ عمرَ، ولأنَّه تَبَرُّعٌ يَمْنَعُ البَيْعَ والهِبَةَ والمِيرَاثَ، فلَزِمَ بمُجَرَّدِه، كالعِتْقِ، ويُفَارِقُ الهِبَةَ؛ فإنَّها تَمْلِيكٌ مُطْلَقٌ، والوَقْفُ تَحْبِيسُ الأَصْلِ وتَسْبِيلُ المَنْفَعَةِ، فهو بالعِتْقِ أشْبَهُ، فإلْحاقُه به أَوْلَى.

الفصل الثالث: أنَّه لا يَفْتَقِرُ إلى القَبُولِ من المَوْقُوفِ عليه. ذَكَرَه القاضِى. وقال أبو الخَطَّابِ: إن كان الوَقْفُ على غيرِ مُعَيَّنٍ، كالمَسَاكِينِ، أو مَن لا يُتَصَوَّرُ منه القَبُولُ كالمَسَاجِدِ والقَنَاطِرِ، لم يَفْتَقِرْ إلى قَبُولٍ، وإن كان على آدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ، ففى اشْتِرَاطِ القَبُولِ وَجْهانِ؛ أحدُهما، اشْتِرَاطُه؛ لأنَّه تَبَرُّعٌ لآدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ، [فكان من شَرْطِه القَبُولُ، كالهِبَةِ والوَصِيَّةِ، يُحَقِّقُه أنَّ الوَصِيَّةَ إن كانت لآدَمِىٍّ مُعَيَّنٍ] (٢)، وَقَفَتْ على قَبُولِه، وإذا كانت لغيرِ مُعَيَّنٍ أو لِمَسْجِدٍ أو نحوِه، لم تَفْتَقِرْ إلى قَبُولٍ، كذا ههُنا. والوَجْهُ الثاني، لا يُشْتَرَطُ القَبُولُ؛ لأنَّه أحدُ نَوْعَىِ الوَقْفِ، فلم يُشْتَرَطْ له القَبُولُ، كالنَّوْعِ


= الأحباس. المجتبى ٦/ ١٩٣، ١٩٤. وابن ماجه، في: باب من وقف، من كتاب الصدقات. سنن ابن ماجه ٢/ ٨٠١.
(٢) سقط من: الأصل. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>