للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منها مَحَلُّ النِّزَاعِ بما ذَكَرْنَا.

فصل: والمَرَضُ المُبِيحُ لِلْجَمْعِ هو ما يَلْحَقُه بِهِ (٣٨) بِتَأْدِيَةِ كُلِّ صلاةٍ في وَقْتِهَا مَشَقَّةٌ وضَعْفٌ. قال الأثْرَمُ، قِيلَ لأبي عبدِ اللهِ: المَرِيضُ يَجْمَعُ بين الصَّلَاتَيْنِ؟ فقال: إني لأرْجُو له ذلك إذا ضَعُفَ، وكان لا يَقْدِرُ إلَّا على ذلك. وكذلك يجوزُ الجَمْعُ لِلْمُسْتَحاضَةِ، ولمَن به سَلَسُ البَوْلِ، ومَن في مَعْنَاهما؛ لما رَوَيْنَا من الحَدِيثِ، واللهُ أعلمُ.

فصل: والمَرِيضُ مَخَيَّرٌ في التَّقْدِيمِ والتَّأْخِيرِ كالمُسَافِرِ. فإن اسْتَوَى عنده الأمْرَانِ فالتَّأْخِيرُ أوْلَى؛ لما ذَكَرْنَا في المُسَافِرِ. فأمَّا الجَمْعُ لِلْمَطَرِ فإنَّما يَجْمَعُ في وَقْتِ الأُولَى، لأنَّ السَّلَفَ إنَّما كانوا يَجْمَعُونَ في وَقْتِ الأُولَى، ولأنَّ تَأْخِيرَ الأُولَى إلى وَقْتِ الثَّانِيَة يُفْضِى إلى لُزُومِ المَشَقَّةِ، والخُرُوجِ في الظُّلْمَةِ، أو طُولِ (٣٩) الانْتِظارِ في المَسْجِدِ إلى دُخُولِ وَقْتِ العِشاءِ، ولأنَّ العادَةَ اجْتِمَاعُ النَّاسِ لِلْمَغْرِبِ، فإذا حَبَسَهم في المَسْجِدِ لِيجْمَعَ بين الصلاتَيْنِ، كان أشَقَّ مِنْ أن يُصَلِّىَ كُلَّ صَلَاةٍ في وَقْتِها، ورُبَّما يَزُولُ العُذْرُ قبلَ خُرُوجِ وَقْتِ الأُولَى، فيَبْطُلُ الجَمْعُ ويَمْتَنِعُ. وإن اخْتارُوا تَأْخِيرَ الجَمْعِ، جَازَ. والمُسْتَحَبُّ أن يُؤَخِّرَ الأُولَى عن أوَّل وَقْتِها شيئًا. قال الأثْرَمُ: سألتُ أبا عبدِ اللهِ عن الجَمْعِ بين الصلاتَيْنِ في المَطَرِ؟ قال: نعم، يَجْمَعُ بينهما، إذا اخْتَلَطَ الظَّلَامُ قبلَ أن يَغِيبَ الشَّفَقُ، كذا صَنَعَ ابنُ عمرَ. قال الأثْرَمُ: وحَدَّثَنا أبو أُسامَةَ, حدَّثنا عُبَيْدُ اللهِ، عن نافِعٍ، قال: كان أُمَرَاؤُنا إذا كانت اللَّيْلَةُ المَطِيرَةُ أبْطَأُوا بالمَغْرِبِ، وعَجَّلُوا العِشَاءَ قبلَ أن يَغِيبَ الشَّفَقُ، فكان ابنُ عمر يُصَلِّى معهم، ولا يَرَى بذلك بَأْسًا. قال عُبَيْدُ اللهِ: ورَأيْتُ القَاسِمَ وسَالِمًا يُصَلِّيانِ معهم، في مثل تِلْكَ اللَّيْلَة. قِيلَ لأبي عبدِ


(٣٨) سقط من: ا، م.
(٣٩) في الأصل: "وطول".

<<  <  ج: ص:  >  >>