للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٨٥٠ - مسألة؛ قال: (ومَنِ ادُّعِىَ عَلَيْهِ شَىْءٌ، فَقَالَ: قَدْ كَانَ لَهُ عَلَىَّ وقَضَيْتُهُ. لَمْ يَكُنْ ذلِكَ إِقْرَارًا)

حَكَى ابنُ أبي موسى [في هذه] (١) المَسْأَلَةِ رِوَايَتَيْنِ؛ إحْداهما، أنَّ هذا ليس بإِقْرَارٍ. اخْتَارَهُ القاضي، وقال: لم أَجِدْ عن أحمدَ رِوَايَةً بغيرِ هذا. والثانية، أنَّه مُقِرٌّ بالحَقِّ، مُدَّعٍ لِقَضَائِه، فعليه البَيِّنَةُ بالقَضَاءِ؛ وإلَّا حَلَفَ غَرِيمُهُ وأخَذَ. واخْتَارَهُ أبو الخَطَّابِ. وهو قولُ أبى حنيفةَ؛ لأنَّه أقَرَّ بالدَّيْنِ، وادَّعَى القَضَاءَ، فلم تُقْبَلْ دَعْوَاهُ، كما لو ادَّعَى القَضَاءَ بكلامٍ مُنْفَصِلٍ، ولأنَّه رَفَعَ جَمِيعَ ما أثْبَتَهُ، فلم يُقْبَلْ، كاسْتِثْناءِ الكُلِّ. وللشَّافِعِىِّ قَوْلانِ كالمَذْهَبَيْنِ. ووَجْهُ قولِ الخِرَقِىِّ، أنَّه قولٌ مُتَّصِلٌ، يُمْكِنُ صِحَّتُه، ولا تَنَاقُضَ فيه، فوَجَبَ أن يُقْبَلَ كاسْتِثْناءِ البَعْضِ، وفارَقَ المُنْفَصِلَ؛ لأنَّ حُكْمَ الأَوَّلِ قد اسْتَقَرَّ بسُكُوتِه عليه، فلا يُمْكِنُ رَفْعُه بعدَ اسْتِقْرَارِه، ولذلك لا يَرْتَفِعُ (٢) بعضُه باسْتِثْنَاءٍ ولا غيرِه، فما يَأْتِى بعدَه من دَعْوَى القَضَاءِ يكونُ دَعْوَى مُجَرَّدَةً، لا تُقْبَلُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ، وأمَّا اسْتِثْنَاءُ الكُلِّ فمُتَنَاقِضٌ؛ لأنَّه لا يُمْكِنُ أن يكونَ عليه أَلْفٌ وليس عليه شيءٌ.

فصل: وإن قال: له عَلَىَّ مائةٌ، وقَضَيْتُه منها خَمْسِينَ. فالكلامُ فيها كالكلامِ فيما إذا قال: وقَضَيْتُها. وإن قال له إِنْسَانٌ: لي عليك مائةٌ. فقال: قَضَيْتُكَ منها خَمْسِينَ. فقال القاضي: لا يكونُ مُقِرًّا بشيءٍ؛ لأنَّ الخَمْسِينَ التي ذَكَرَ أنَّه قَضَاهَا في كَلَامِه ما (٣) تَمْنَعُ (٤) بَقَاءَهَا، وهو دَعْوَى القَضَاءِ، وباقِى المائةِ لم يَذْكُرْها، وقوله: منها. يَحْتَمِلُ أن يُرِيدَ بها ممَّا يَدَّعِيه، ويَحْتَمِلُ ممَّا علَىَّ، فلا يَثْبُتُ عليه شَىْءٌ بكَلَامٍ مُحْتَمِلٍ. ويَجِىءُ على قولِ مَن قال بالرِّوَايةِ الأُخْرَى أن (٥) يَلْزَمَهُ الخَمْسُونَ التي ادَّعَى قَضَاءَها؛ لأنَّ في


(١) في ب، م: "أن في".
(٢) في أ، ب، م: "يرفع".
(٣) في أ، ب: "مما".
(٤) في ب زيادة: "ها هنا".
(٥) في أ: "أنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>