للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جاءَه، فقال: عبدٌ لي سَرَقَ قَباءً لعبدِ لي آخرَ. فقال: لا قَطْعَ، مالُكَ سَرَقَ مالَكَ (٤). وهذه قضايا تُشْتَهُرُ، ولم يخالِفْها أَحَدٌ، فتكونُ إجْماعَا، وهذا يَخُصُّ عُمومَ الآية، ولأنَّ هذا إجماعٌ من أهلِ العلمِ، لأنَّه قلُ من سَمَّيْنا من الأَئِمَةِ، ولم يُخالِفْهم في عَصْرِهم أَحَدٌ، فلا يجوزُ خلافُهم (٥) بقَوْلِ مَن بعدَهم، كما لا يجوزُ تَرْكُ إجماعِ الصحابةِ بقَوْلِ واحِدٍ من التَّابعِين.

فصل: والمُدَبَّرُ، وأمُّ الولدِ، والمُكاتَبُ، كالقِنِّ في هذا. وبه قال الثَّوْرِىُّ، وإسحاقُ، وأبو ثورٍ، وأصحابُ الرَّأْىِ. ولا يُقْطَعُ سَيِّدُ المُكاتَبِ بسرقةِ مالِه؛ لأنَّه عبدٌ ما بَقِىَ عليه دِرْهمٌ. وكلُّ مَن لا يُقْطَعُ الإِنسانُ بسرقةِ مالِه، لا يُقْطَعُ عَبْدُه بسرقةِ مالِه، كآبائِهِ، وأولادِه، وغيرِهم. [وهذا قولُ أصحابِ الرَّأْىِ، والشافعىِّ] (٦)، كلٌّ على أصْلِه. وقال أبو ثورٍ: يُقْطَعُ بِسَرِقَةِ مالِ مَنْ عَدَا سَيِّدِه. ونحوُه قولُ مالِكٍ، وابنِ المُنْذِرِ. ولَنا، حديثُ عمرَ، رَضِيَ اللهُ عنه، ولأنَّ مالَهم يُنَزَّلُ مَنْزِلةَ مالِه في قَطْعِه، فكذلك في قَطْعِ عَبْدِه.

فصل: ولا يُقْطَعُ الابنُ وإن سَفَلَ، بسرقةِ مالِ والدِه وإن عَلَا. وبه قال الحسنُ، والشَّافِعِىُّ، واسحاقُ، والثَّوْرِىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. وظاهرُ قولِ الْخِرَقِىِّ أنَّه يُقْطَعُ؛ لأنَّه لم يذْكُرْه في مَن لا قَطْعَ عليه. وهو قولُ مالِكٍ، وأبى ثَوْرٍ، وابنِ المُنْذِرِ؛ لظاهرِ الكتابِ، ولأنَّه يُحَدُّ بالزِّنَى بجاريتِه، ويُقادُ بقَتْلِه، فيُقْطَعُ بسَرِقةِ مالِه، كالأجْنَبِىِّ. ووَجْهُ الأَوَّلِ، أنَّ بينَهما قرابةً تَمْنعُ قَبُولَ شهادَةِ (٧) أحدِهما لصاحبِه، فلم يُقْطَعْ بِسَرِقةِ مالِه، كالأبِ، ولأنَّ النفقةَ تجبُ في مالِ الأبِ لابنِه حِفْظًا له، فلا يجوزُ إتْلافُه حفظًا


(٤) أخرجه البيهقي، في: باب العبد يسرق من متاع سيده، من كتاب السرقة. السنن الكبرى ٨/ ٢٨١. وعبد الرزاق، في: باب الخيانة، من كتاب اللقطة. المصنف ١٠/ ٢١١. وابن أبي شيبة، في: باب في العبد يسرق من مولاه. . ., من كتاب الحدود. المصنف ١٠/ ٢٢.
(٥) في الأصل، م: "خلافه"
(٦) سقط من: ب، م.
(٧) في الأصل: "شهادتهما".

<<  <  ج: ص:  >  >>