للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطَّوافُ أفْضَلُ مِن الصلاةِ، والصلاةُ بعدَ ذلك. يُرْوَى عن ابنِ عَبّاسٍ، قال: الطَّوافُ لكم يا أهلَ العِراقِ، والصلاةُ لأهلِ مَكَّةَ. وقال عطاءٌ: الطَّوافُ لِلْغُرَباءِ، والصلاةُ لأهلِ البَلَدِ. قال: ومِن النّاسِ مَن يقولُ: يَزُورُ البَيْتَ كُلَّ يومٍ مِن أيَّامِ مِنًى. ومنهم مَن يَخْتارُ الإِقامَةَ بِمِنًى؛ لأنَّها أيامُ منًى. واحْتَجَّ أبو عبدِ اللهِ بحَدِيثِ أبى حَسَّانَ، عن ابنِ عَبّاسٍ، أنَّ رسولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- كان يُفِيضُ كُلَّ لَيْلَةٍ (١١).

فصل: ويُسْتَحَبُّ لمن حَجَّ أنْ يَدْخُلَ البَيْتَ، ويُصَلِّىَ فيه رَكْعَتَيْنِ، كما فَعَلَ النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- (١٢)، ولا يَدْخُلُ البَيْتَ بِنَعْلَيْهِ، ولا خُفَّيْهِ، ولا الحِجْرَ أيضا؛ لأنَّ الحِجْرَ مِن البَيْتِ. ولا يَدْخُلُ الكَعْبَةَ بِسِلاحٍ. قال: وثِيابُ الكَعْبَةِ إذا نُزِعَتْ يُتَصَدَّقُ بها. وقال (١٣): إذا أرادَ أنْ يَسْتَشْفِىَ بِشىءٍ مِن طِيبِ الكَعْبَةِ، فلْيَأْتِ بِطِيبٍ مِن عِنْدِهِ، فلْيُلْزِقْهُ على البَيْتِ، ثم يَأْخُذْه، ولا يَأْخُذْ مِن طِيبِ البَيْتِ شيئا، ولا يُخْرِجْ مِن تُرابِ الحَرَمِ، ولا يُدْخِلْ فيه مِن الحِلِّ. كذلك قال عمرُ، وابنُ عَبّاسٍ، رَضِىَ اللَّه عنهما. ولا يُخْرِجْ مِن حِجارَةِ مَكَّةَ وتُرابِها إلى الحِلِّ، والخُرُوجُ أشَدُّ، إلَّا أن ماءَ زَمْزَمَ أخْرَجَه كَعْبٌ.

فصل: قال أحمدُ: كيف لنا بِالجوارِ بمَكَّةَ! قال النَّبِىُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إنَّكِ لَأَحَبُّ الْبِقَاعِ إِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلَوْلَا أنِّى أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ" (١٤). وإنَّما كُرِهَ الجِوارُ بمَكَّةَ لِمَنْ هاجَرَ منها، وجابِرُ بنُ عبدِ اللهِ جاوَرَ بمَكَّةَ، وجميعُ أهلِ البلادِ ومَن كان مِن أهلِ اليَمَنِ لَيْسَ بِمَنْزِلَةِ مَن يَخْرُجُ ويُهاجِرُ. أى لا بَأْسَ به. وابنُ عمَر كان يُقِيمُ بمَكَّةَ. قال: والمُقامُ بِالمَدِينَةِ أحَبُّ إلَىَّ مِن المُقَامِ بمَكَّةَ لمن قَوِىَ


(١١) أخرجه البيهقى، فى: باب زيارة البيت كل ليلة من ليالى منى، من كتاب الحج. السنن الكبرى ٥/ ١٤٦. وذكره البخارى تعليقًا، فى: باب الزيارة يوم النحر، من كتاب الحج. صحيح البخارى ٢/ ٢١٤.
(١٢) تقدم تخريجه فى حديث جابر، فى صفحة ١٥٦.
(١٣) هذا شىء مبتدع، لم يثبت عن رسول اللَّه -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، والشفاء إنَّما يطلب من اللَّه، وبفعل الأسباب المشروعة والمباحة، كالدعاء والرقية بالقرآن والتداوى بالأدوية المباحة. واللَّه أعلم.
(١٤) أخرجه الترمذى، فى: باب فى فضل مكة، من أبواب المناقب. عارضة الأحوذى ١٣/ ٢٨٠. وابن ماجه، فى: باب فضل مكة، من كتاب المناسك. سنن ابن ماجه ٢/ ١٠٣٧. والدارمى، فى: باب إخراج النبى -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من مكة، من كتاب السير. سنن الدارمى ٢/ ٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>