للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والإِحْصانِ، وغير ذلك. وممَّن أجازَ طَلَاقَ الكُفّارِ، عَطاءٌ، والشَّعْبِىُّ، والنَّخَعِىُّ، والزُّهْرِىُّ، وحَمَّادٌ، والثَّوْرِىُّ، والأوْزَاعىُّ، والشَّافعىُّ، وأصْحابُ الرَّأْىِ. ولم يُجَوِّزْهُ الحسنُ، وقَتَادةُ، ورَبِيعةُ، ومالكٌ. ولَنا، أنَّه طلاقٌ من بالغٍ عاقلٍ فى نكاحٍ صحيحٍ، فوَقَعَ، كطَلَاقِ المسلمِ. فإن قيلَ: لا نُسَلِّمُ صِحَّةَ أَنْكِحَتِهم. قُلْنا: دليلُ ذلك أَنَّ اللَّه تعالى أضافَ النِّساءَ إليهم، فقال: {وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} (١٨). وقال: {امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ} (١٩). وحَقِيقةُ الإِضافةِ تَقْتَضِى زَوْجِيَّةً صحيحةً. وقال النَّبِىُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "وُلِدْتُ مِنْ نِكَاحٍ، لَا مِنْ سِفَاحٍ" (٢٠). وإذا ثَبَتَ صِحَّتُها، ثَبَتَتْ أحكامُها، كأنْكِحةِ المُسْلِمينَ. فعلى هذا، إذا طَلَّقَ الكافرُ ثلاثًا، ثمَّ تزَوَّجَها قبلَ زَوْجٍ، وأصَابَها (٢١)، ثمَّ أسْلَما، لم يُقَرَّا عليه. وإن طَلَّقَ امْرأَتَه أقَلَّ من ثَلاثٍ، ثمَّ أسْلَما، فهى عندَه على ما بَقِىَ من طَلاقِها. رإن نَكَحَها كِتَابِىٌّ وأصابَها، حَلَّتْ لمُطَلِّقِها ثَلاثًا، سواءٌ كان المُطَلِّقُ مُسْلِمًا أو كافِرًا. وإن ظاهَرَ الذِّمِّىُّ من امْرأتِه، ثمَّ أسْلَما، فعليه كَفَّارةُ الظِّهارِ؛ لقوله تعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (٢٢). وإن آلَى، ثَبَتَ حُكْمُ الإيلاءِ؛ لقولِه تعالى: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ} (٢٣).

فصل: ويَحْرُمُ عليهم فى النِّكاحِ ما يَحْرُمُ على المسلمينَ، [على ما] (٢٤) ذكَرْنا فى البابِ قبلَه، إلَّا أنَّهم يُقَرُّونَ على الأنْكِحةِ المُحَرَّمةِ بشَرْطين؛ أحدهما، أن لا يترافَعُوا إلينا. والثانى، أن يَعْتَقِدُوا إباحةَ ذلك فى دِينِهم؛ لأنَّ اللَّه تعالى قال: {فَإِنْ جَاءُوكَ


(١٨) سورة المسد ٤.
(١٩) سورة القصص ٩، وسورة التحريم ١١.
(٢٠) تقدم تخريجه فى: ٩/ ٣٣٩.
(٢١) فى الأصل، أ، ب: "وأصابه".
(٢٢) سورة المجادلة ٣.
(٢٣) سورة البقرة ٢٢٦.
(٢٤) فى الأصل: "مما".

<<  <  ج: ص:  >  >>