للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيها، كما لو أحْرَمَا بالحَجِّ بإذْنِهما. ولَنا، أنَّ لهما المَنْعَ منه (٢) ابْتِدَاءً، فكان لهما المَنْعُ منه دَوَامًا، كالعَارِيَّةِ، ويُخالِفُ (٣) الحَجَّ؛ لأنَّه يَلْزَمُ بالشُّرُوعِ فيه، بِخِلافِ الاعْتِكافِ، على ما مَضَى من الخِلافِ فيه. فإن كان ما أُذِنَا فيه مَنْذُورًا، لم يكُنْ لهما تَحْلِيلُهما منه؛ لأنَّه يَتَعَيَّنُ بِالشُّرُوعِ فيه، ويَجِبُ إتْمَامُه، فيَصِيرُ كالحَجِّ إذا أحْرَمَا به. فأمَّا إنْ نَذَرَا الاعْتِكافَ، فأرَادَ السَّيِّدُ والزَّوْجُ مَنْعَهما الدُّخُولَ فيه نَظَرْتَ، فإن كان النَّذْرُ بإِذْنِهما، وكان مُعَيَّنًا، لم يَمْلِكَا مَنْعَهما منه؛ لأنَّه وَجَبَ بإِذْنِهِما، وإن كان بغيرِ إذْنِهما، فلهما مَنْعُهما منه؛ لأنَّ نَذْرَهُما تَضَمَّنَ تَفوِيتَ حَقِّ غَيْرِهما بغيرِ إذْنِه، فكان لِصاحِبِ الحَقِّ المَنْعُ منه. وإن كان النَّذْرُ المَأْذُونُ فيه غيرَ مُعَيَّنٍ، فهل لهما مَنْعُهُما؟ على وَجْهَيْنِ؛ أحدُهما، لهما مَنْعُهُما (٤)، لأنَّ حَقَّهما ثَابِتٌ فى كلِّ زَمَنٍ، فكان تَعْيِينُ زَمَنِ سُقُوطِه إليهما كالدَّيْنِ. والثانى، ليس لهما ذلك؛ لأنَّه وَجَبَ الْتِزَامُه بإذْنِهما، فأشْبَهَ المُعَيَّنَ. وأمَّا المُعْتَقُ بَعْضُه، فإن كان بَيْنَه وبين سَيِّدِهِ مُهَايَأَةٌ (٥)، فله أن يَعْتَكِفَ فى يَوْمِه بغيرِ إذْنِ سَيِّدِهِ؛ لأنَّ مَنَافِعَهُ غيرُ مَمْلُوكَةٍ لِسَيِّدِهِ فى هذا اليَوْمِ، وحُكْمُه فى يَوْمِ سَيِّدِهِ حُكْمُ القِنِّ. فإن لم يَكُنْ بينهما مُهَايَأَةٌ، فلِسَيِّدِهِ مَنْعُه؛ لأنَّ له مِلْكًا فى مَنافِعِه فى كلِّ وَقْتٍ.

فصل: وأمَّا المكاتَبُ، فليس لِسَيِّدِهِ مَنْعُه من وَاجِبٍ ولا تَطَوُّعِ؛ لأنَّه لا يَسْتَحِقُّ مَنَافِعَهُ، وليس له إجْبارُه على الكَسْبِ، وإنَّما له دَيْنٌ فى ذِمَّتِه، فهو كالحُرِّ المَدِينِ.


(٢) سقط من: ب، م.
(٣) فى أ، ب: "وخالف".
(٤) فى أ: "ذلك".
(٥) المهايأة أن يكون لسيده يوما ولنفسه يوما.

<<  <  ج: ص:  >  >>