للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَيْهَا} (١٤). أى جِبِلَّتَه التى جَبَلَ النَّاسَ عليها، وهذه يُرَادُ بها الصَّدَقَةُ عن البَدَنِ والنَّفْسِ، كما كانت الأولى صَدَقَةً عن المالِ. وقال بعضُ أصْحابِنَا: وهل تُسَمَّى فَرْضًا مع القولِ بِوُجُوبِها؟ على رِوَايَتَيْنِ. والصَّحِيحُ أنَّها فَرْضٌ؛ لِقَوْلِ ابنِ عمرَ: فَرَضَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطْرِ. ولإجْماعِ العُلَماءِ على أَنَّها فَرْضٌ، ولأنَّ الفَرْضَ إن كان الوَاجِبَ فهى وَاجِبَةٌ، وإن كان الوَاجِبَ المُتَأكِّدَ فهى مُتَأكِّدَةٌ مُجْمَعٌ عليها.

٤٦٦ - مسألة؛ قال: (وزكَاةُ الْفِطْرِ عَلَى كُلِّ حُرٍّ وعَبْدٍ، ذَكَرٍ وأُنْثَى، من المُسْلِمِينَ)

وجُمْلَتُه أنَّ زَكَاةَ الفِطْرِ تَجِبُ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، مع [الصِّغَرِ والْكِبَرِ] (١)، والذّكُورِيَّةِ والأُنُوثِيَّةِ، في قولِ أهْلِ العِلْمِ عامَّةً، وتَجِبُ على اليَتِيمِ، ويُخْرِجُ عنه وَلِيُّهُ من مالِهِ، لا نَعْلَمُ أحَدًا خَالَفَ في هذا، إلَّا محمد بن الحسنِ، قال: ليس في مالِ الصَّغِيرِ [من المُسْلِمِينَ] (٢) صَدَقَةٌ. وقال الحسنُ، والشَّعْبِيُّ: صَدَقَةُ الفِطْرِ علَى مَن صامَ من الأحْرَارِ، وعلى الرَّقِيقِ. وعُمُومُ قَوْلِه فَرَضَ رسولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- زَكَاةَ الفِطْرِ على كُلِّ حُرٍّ وعَبْدٍ، والذَّكَرِ والأُنْثَى، والصَّغِيرِ والكَبِيرِ، من المُسْلِمِينَ، يَقْتَضِي وُجُوبَها على اليَتِيمِ، ولأنَّه مُسْلِمٌ فوَجَبَتْ فِطرتُه كما لو كان له أبٌ.

فصل: ولا تَجِبُ على كافِرٍ حُرًّا كان أو عَبْدًا. ولا نَعْلَمُ بينهم خِلافًا في الحُرِّ البالغِ. وقال إمامُنا، ومَالِكٌ، والشَّافِعِيُّ، وأبو ثَوْرٍ: لا تَجِبُ على العَبْدِ أيضا، ولا على الصَّغِيرِ. ويُرْوَى عن عمرَ بن عبدِ العزيزِ، وعَطاءٍ، ومُجاهِدٍ، وسَعِيدِ بن


(١٤) سورة الروم ٣٠.
(١) في م: "الصغير والكبير".
(٢) سقط من: الأصل، ب.

<<  <  ج: ص:  >  >>