للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الثِّقاتُ فأَوْقَفُوه على جابرٍ، وقد أَسْنِدَ من وَجْهٍ ضعيفٍ. وإِنْ صَحَّ فنَحْمِلُه على نَهْىِ الكَراهَةِ؛ لأنَّه إذا ماتَ رَسَا (٩) فى أسفَلِه، فإذا أَنْتَنَ طفَا، فكرِهَه لِنَتْنِه، لا لتَحْرِيمِه.

فصل: يُباحُ أكلُ الْجرادِ بإِجْماعِ أهلِ العلمِ. وقد قال عبدُ اللَّه بنُ أبى أَوْفَى: غَزَوْنا مع رسولَ اللَّه -صلى اللَّه عليه وسلم- سَبْعَ غَزَواتٍ، نَأْكلُ الجَرادَ. رواه البخارِىُّ، وأبو داودَ (١٠). ولا فَرْقَ بين أَنْ يمُوتَ بسبَبٍ أو غيرِ (١١) سبَبٍ، فى قولِ عامَّةِ أهلِ العلمِ؛ منهم الشافِعِىُّ، وأصْحابُ الحديثِ، وأصحابُ الرَّأْىِ، وابنُ المنذِرِ. وعن أحمد، أنَّه إذا قَتَلَه البردُ، لم يُؤْكَلْ. وعنه، لا يُؤْكَلْ إذا ماتَ بغيرِ سبَبٍ. وهو قولُ مالِكٍ. ويُرْوَى أيضًا عن سعيدِ بن المُسَيَّبِ، ولَنا، عمومْ قولِه عليه السلام: "أُحِلَّت لَنا مَيْتَتان ودَمانِ، فالمَيْتتانِ السَّمَكُ والجَرادُ " (١٢). ولم يفصِّلْ. ولأنَّه تُباحُ مَيْتَتُه، فلم يُعْتبَرْ له سببٌ، كالسَّمَكِ، ولأنَّه لو افْتَقَرَ إلى سبَبٍ، لَافْتَقَرَ إلى ذَبْحٍ وذابِحٍ وآلةٍ، كبهيمَةِ الأَنْعامِ.

فصل: ويُباحُ أَكْلُ الجَرادِ بما فيه، وكذلك السَّمَكُ، يجوزُ أَنْ يُقْلَى من غيرِ أَنْ يُشَقَّ جَوْفُه (١٣)، وقال أصحابُ الشافِعِىِّ فى السَّمكِ: لا يجوزُ؛ لأنَّ رَجِيعَه نَجِسٌ. ولَنا، عُمومُ النَّصِّ فى إباحَتِه، وما ذَكَرُوهُ غيرُ مُسَلَّمٍ. وإِنْ بَلَعَ إنسانٌ شيئًا منه حَيًّا كُرِهَ؛ لأنَّ فيه تَعْذِيبًا له.

فصل: وسُئِلَ أحمدُ عن السَّمَكِ يُلْقَى فى النَّارِ؟ فقال: ما يُعْجِبُنِى. والجَرادِ؟ [فقال: ما يُعْجِبُنِى، والجَرادُ] (١٤) أَسْهَلُ، فإنَّ هذا له دَمٌ. ولم يَكْرَهْ أكْلَ السَّمَكِ إذا


(٩) فى أ، م: "رسب". ورسم الكلمة فى الأصل، ب: "رسى".
(١٠) أخرجه البخارى، فى: باب أكل الجراد، من كتاب الذبائح. صحيح البخارى ٧/ ١١٧. وأبو داود، فى: باب فى أكل الجراد، من كتاب الأطعمة. سنن أبى داود ٢/ ٣٢١.
كما أخرجه مسلم، فى: باب إباحة الجراد، من كتاب الصيد والذبائح. صحيح مسلم ٣/ ١٥٤٦. والترمذى، فى: باب ما جاء فى أكل الجراد، من أبواب الأطعمة. عارضة الأحوذى ٨/ ١٥، ١٦. والنسائى، فى: باب الجراد، من كتاب الصيد والذبائح. المجتبى ٧/ ١٨٥. والدارمى، فى: باب فى أكل الجراد، من كتاب الصيد. سنن الدارمى ٢/ ٩١. والإِمام أحمد، فى: المسند ٤/ ٣٥٣، ٣٥٧، ٣٨٠.
(١١) فى م: "بغير".
(١٢) تقدم تخريجه، فى صفحة ٢٩٨.
(١٣) فى م: "بطنه".
(١٤) سقط من: الأصل. نقل نظر.

<<  <  ج: ص:  >  >>