للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الكَفَّارة إلى الواحدِ مُدٌّ. واللَّه سبحانَه اعْتبرَ الكَفَّارةَ بالنَّفقةِ على الأهْلِ، فقال سبحانه: {مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (١٠). وعلى المُوسِرِ مُدَّانِ؛ لأنَّ أكثرَ ما أوْجَبَ اللَّه سبحانه للواحدِ مُدَّيْنِ في كَفَّارةِ الأَذَى، وعلى المُتَوَسِّطِ مُدٌّ ونِصْفٌ، نِصْفُ (١١) نَفَقةِ المُوسِرِ (١٢) ونِصْفُ نَفَقةِ الفَقِيرِ (١٣). ولَنا، قولُ النَّبِيِّ -صلى اللَّه عليه وسلم- لهِنْد: "خُذِى مَا يَكْفِيكِ وَوَلَدَكِ بِالْمَعْرُوفِ". فأمَرَها بأَخْذِ ما يَكْفِيها من غير تَقْدِيرٍ، ورَدَّ الاجتهادَ في ذلك إليها، ومن المعْلومِ أن قَدْرَ كِفَايَتِها لا يَنْحَصِرُ في المُدَّيْنِ، بحيث لا يَزِيدُ عنهما ولا يَنْقُصُ، ولأنَّ اللهَ تعالى قال: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ}. وقال النَّبِيُّ -صلى اللَّه عليه وسلم-: "ولَهُنَّ عَلَيْكُم رِزْقُهنَّ وكُسْوَتُهُنَّ بالمَعْرُوفِ" (١٤). وإيجابُ أقَلَّ من الكِفايةِ من الرِّزْقِ تَرْكٌ للمَعْرُوفِ، وإيجابُ قَدْرِ الكِفايةِ، وإن كان أقَلَّ من مُدٍّ أو من رَطْلَىْ خُبْزٍ، إنْفاقٌ (١٥) بالمَعْرُوفِ، فيكونُ ذلك هو الواجبَ بالكِتَابِ والسُّنَّةِ. واعْتبارُ النَّفقةِ بالكَفَّارةِ في القَدْرِ لا يَصِحُّ؛ لأنَّ الكَفَّارةَ لا تخْتلفُ باليَسارِ والإِعْسارِ، ولا هي مُقَدَّرَةٌ بالكِفَايَةِ (١٦)، وإنَّما اعْتَبرَها الشَّرْعُ بها في الجِنْسِ دُونَ القَدْرِ، ولهذا لا يَجِبُ فيها الأُدْمُ (١٧).

فصل: ولا يجبُ فيها الحَبُّ. وقال الشافعيُّ: الواجبُ فيها الحَبُ، اعتبارًا بالإِطْعامِ في الكَفَّارةِ، حتى لو دَفَعَ إلها دَقِيقًا أو سَوِيقًا أو خُبْزًا، لم يَلْزَمْها قَبُولهُ، كما لا


(١٠) سورة المائدة ٨٩.
(١١) في م: "ونصف".
(١٢) في الأصل: "المعسر".
(١٣) في أ: "المقتر".
(١٤) تقدم تخريجه في: ٥/ ١٥٦.
(١٥) في ازيادة: "بالكفاية".
(١٦) في م: "بالكفارة".
(١٧) الأدم: "ما يستمرأ به الخبز".

<<  <  ج: ص:  >  >>