للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أوْصَلَهُ إلى المُسْلِمِ، بَرِىءَ بذلك؛ لأنَّه سَلَّمَ إليه ما [سَلَّطَه المُسْلَمُ] (٦) إليه فى التَّصَرُّفِ فيه. وإن أَتْلَفَهُ (٧) فعليه ضَمَانُه؛ لأنه قَبَضَهُ على ذلك. وإن صَالَحَ المُسْلِمُ الضَّامِنَ عن المُسْلَمِ فيه بِثَمَنِه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّ هذا إِقَالَةٌ، فلا يَصِحُّ مِن غير المُسْلَمِ إليه. وإن صَالَحَه المُسْلَمُ إليه بِثَمَنِه صَحَّ، وبَرِئَتْ ذِمَّتُه وَذِمَّةُ الضَّامِنِ؛ لأنَّ هذا إِقَالَةٌ، وإن صَالَحَهُ على غيرِ ثَمَنِه، لم يَصِحَّ؛ لأنَّه بَيْعُ المُسْلَمِ فيه قبلَ القَبْضِ.

فصل: والذى يَصِحُّ أَخْذُ الرَّهْنِ به، كُلُّ دَيْنٍ ثَابِتٍ فى الذِّمَّةِ يَصِحُّ اسْتِيفَاؤُه من الرَّهْنِ، كأَثْمَانِ البِيَاعَاتِ، والأُجْرَةِ فى الإِجَارَاتِ، والمَهْرِ، وعِوَضِ الخُلْعِ، والقَرْضِ، وأرْشِ الجِنَايَاتِ، وقِيَمِ المُتْلَفَاتِ. ولا يجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بما ليس بوَاجِبٍ، ولا مَآلُه إلى الوُجُوبِ، كالدِّيَةِ على العَاقِلَةِ قبل الحَوْلِ؛ لأنَّها لم تَجِبْ بعدُ، ولا يُعْلَمُ إفْضَاؤُها إلى الوُجُوبِ، فإنَّهم لو جُنُّوا أو افْتَقَرُوا أو مَاتُوا، لم تَجِبْ عليهم، فلم (٨) يَصِحَّ أخْذُ الرَّهْنِ بها. فأمَّا بعد الحَوْلِ، فيجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بها؛ لأنَّها قد اسْتَقَرَّتْ فى ذِمَّتِهِم. ويحْتَمِلُ جَوَازُ أخْذِ الرَّهْنِ بها قبلَ الحَوْلِ؛ لأنَّ الأصْلَ بَقَاءُ الحَيَاةِ واليَسَارِ والعَقْلِ. ولا يجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بالجُعْلِ فى الجَعَالَةِ قبلَ العَمَلِ؛ لأنَّه لم يَجِبْ، ولا يُعْلَمُ إفْضَاؤُه إلى الوُجُوبِ. وقال القاضى: يحْتَمِلُ أخْذُ الرَّهْنِ به (٩)؛ لأنَّ مآلَه إلى الوُجُوبِ واللُّزُومِ، فأشْبَهَتْ أثْمَانَ البِيَاعَاتِ. والأُولَى أَوْلَى؛ لأنَّ إفْضَاءَها إلى الوُجُوبِ مُحْتَمِلٌ؛ فأشْبَهَتِ الدِّيَةَ قبلَ الحَوْلِ. ويجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ به بعدَ العَمَلِ؛ لأنَّه قد وَجَبَ. ولا يجوزُ أخْذُ الرَّهْنِ بمالِ الكِتَابَةِ؛ لأنَّه غيرُ لازِمٍ؛ فإنَّ لِلْعَبْدِ تَعْجِيزَ نَفْسِه، ولا يمكنُ اسْتِيفَاءُ دَيْنِه من الرَّهْنِ، لأنه لو عَجَزَ


(٦) فى م: "سلمه المسلم". وفى الأصل: "سلطه للمسلم".
(٧) فى أ: "تلف".
(٨) فى م: "فلا".
(٩) سقط من: الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>